بين الصمت والتواطؤ .. لماذا فشل العالم في وقف الإبادة بغزَّة؟

mainThumb
بين الصمت والتواطؤ.. لماذا فشل العالم في وقف الإبادة بغزَّة؟

05-05-2025 09:50 AM

printIcon

أخبار اليوم - بين الركام والجوع وتحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل، يعيش أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط صمت دولي يكاد يرقى إلى الشراكة في الجريمة. فبينما تتوالى المجازر وتُستخدم المجاعة سلاحا ممنهجا، يكتفي المجتمع الدولي ببيانات "القلق العميق"، دون اتخاذ أي إجراء فعلي لوقف آلة القتل والتجويع.

وفي ظل حرب دخلت شهرها التاسع عشر، خلّفت أكثر من 52 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، ومجاعة تفتك بسكان القطاع المحاصر، يبدو المجتمع الدولي عاجزا عن فرض أي وقف جدي لإطلاق النار، أو حتى تأمين ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية.

وبينما تؤكد تقارير أممية استخدام التجويع كسلاح حرب وانهيار النظام الصحي بشكل شبه كامل، لم تتجاوز ردود الفعل الدولية حدود التنديد اللفظي، فيما تحظى (سرائيل) بغطاء أمريكي، يمنحها حصانة شبه تامة من المحاسبة ويعطل كل المبادرات الدولية لوقف العدوان.

انحياز متعمد

في هذا السياق، يؤكد وزير الخارجية التونسي الأسبق، د. رفيق عبد السلام، أن ما يجري في غزة ليس نتيجة عجز دولي، بل انعكاس لانحياز متعمد وتحالفات ومصالح تُحرك قرارات المجتمع الدولي.

ويقول عبد السلام لـ "فلسطين أون لاين" إن "ما يُسمى بالمجتمع الدولي هو في الحقيقة شبكة من المصالح المتضاربة، ولا وجود لإرادة جماعية حقيقية لوقف العدوان الإسرائيلي".

ويضيف: "رغم بعض المواقف الشجاعة، مثل موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن الدول الداعمة لـ(إسرائيل)، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تعرقل صدور أي قرار ملزم يوقف العدوان أو يفتح المجال أمام المساعدات. وحتى إن صدر قرار تحت ضغط بعض أعضاء مجلس الأمن، فإنه يُفرغ من مضمونه بتنسيق أمريكي-إسرائيلي، ويُعطّل تنفيذه بحجج واهية".

ويتابع: "هذه ليست حربًا إسرائيلية فقط، بل هي حرب تشنها (إسرائيل) بغطاء أمريكي كامل، وبقوة المال والسلاح والحماية السياسية. من دون هذا الغطاء، ما كانت (إسرائيل) لتتمادى بهذا الشكل في العربدة وتحدي الأخلاق والقانونين والأعراف الدولية".

وعن الاكتفاء بالبيانات الشكلية، يقول عبد السلام: "هذه البيانات لا تعكس موقفًا أخلاقيًا حقيقيًا، بل تأتي في سياق احتواء ضغط الرأي العام العالمي. لا توجد إرادة جدية لدى الدول الكبرى لإجبار (إسرائيل) على وقف الإبادة الجماعية أو احترام المواثيق الدولية".

ويشير إلى أن معظم الدول الكبرى ترى في (إسرائيل) "قاعدة متقدمة" للهيمنة على المنطقة، ولهذا تكتفي ببيانات شكلية دون أن تفعل شيئًا فعليًا. ويستدرك: "باستثناء بعض الدول مثل إيرلندا وبلجيكا وإسبانيا، فإن الغرب يدعم (إسرائيل) بشكل غير مشروط، ويصمت أمام ما ترتكبه من جرائم".

ازدواجية معايير

وفي سياق حديثه عن ازدواجية المعايير، يقارن عبد السلام بين موقف الغرب من أوكرانيا وما يحدث في غزة: "فتحوا العواصم وصناديق الدعم للاجئين الأوكرانيين، بينما في غزة يُفرض الحصار، ويُستخدم الغذاء كسلاح ضد المدنيين ضمن سياسة العقاب الجماعي".

ويضيف: "ليست هناك ازدواجية فقط، بل موقف غربي ثابت يقوم على شيطنة الفلسطينيين وتبرير الاعتداء عليهم وانتزاع أراضيهم، بل وصل الأمر إلى تبرير فكرة (إسرائيل الكبرى) المستندة إلى مزاعم توراتية، دون أن نسمع صوتًا دوليًا يجرّم هذا الخطاب أو يرفضه صراحة".

وعن فعالية مجلس الأمن، يؤكد عبد السلام أنه "لا توجد نية جديّة لدى القوى الكبرى لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، فتظل هذه القرارات مجرد حبر على ورق. الغرب يتراوح بين دعم صريح لـ(إسرائيل) وتواطؤ مقنّع، وما لم يظهر موقف عربي وإسلامي قوي وموحد، فستبقى (إسرائيل) فوق القانون".

وأضاف مستدركاً: "للأسف الشديد الدول العربية بعضها متواطؤ بشكل مفضوح وبعضها الآخر يكتفي بإصدار بيانات الإدانة وترديد معزوفة " أنه لن يسمح بالتفريط في القضية الفلسطينية" ولكن من دون يفعل شيئا جديا على الأرض ولم يتجرأ حتى على إدخال الحد الأدنى من المساعدات الغذائية والصحية".

ويختم عبد السلام بقوله: "بعض الدول الأوروبية مثل إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا، اتخذت مواقف مشرفة، وكذلك الصين وروسيا في دعم وقف إطلاق النار، لكن الموقف الأمريكي ينسف كل شيء، ويُبقي على سياسة الإفلات من العقاب".

المصدر / فلسطين أون لاين