الاستقلال نقلة فارقة في الإعلام الوطني .. ورافعة أساسية بتجويد الخطاب

mainThumb
الاستقلال نقلة فارقة في الإعلام الوطني.. ورافعة أساسية بتجويد الخطاب

24-05-2025 12:39 PM

printIcon

أخبار اليوم - آمنت الدولة الأردنية منذ اللحظة الأولى لتأسيسها بأهمية الخطاب الإعلامي ونقل الواقع والحقائق ومشاركتها مع المجتمع للتعبير عن الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشهدها، وأنشأت مؤسسات طالما كانت الذراع الإعلامية المدافعة عن قضايا الدولة ورؤيتها ومواقفها من خلال خطاب عقلاني وازن في فترة خاضت معارك التأسيس والاستقرار.

وبدأ إبراز الخطاب الإعلامي في الدولة الأردنية بإصدار صحيفة "الحق يعلو" في عهد جلالة الملك عبد الله الأول- طيب الله ثراه، سنة 1920، لتكون أول وثيقة إعلامية تؤرخ للدولة الأردنية، وتعبر عن اتجاهات الرأي السياسية والاجتماعية السائدة في البلاد في مرحلة التأسيس الأولى، ليتوالى بعد الاستقلال تطور مسيرة الصحافة والإعلام الأردنية بظهور عدد من الصحف والمؤسسات الوطنية القائمة على شؤون الإعلام، كنقابة الصحفيين التي تأسست عام 1953، وصحفية الدستور عام 1967، ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني عام 1968، ووكالة الأنباء الأردنية عام 1969، وصحيفة الرأي عام 1971.

وشهدت المسيرة الإعلامية الأردنية خلال عهد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين التي أولاها الدعم والرعاية، إنشاء هيئة الإعلام وقناة المملكة ومعهد الإعلام الأردني، إضافة إلى تأسيس العديد من الفضائيات والإذاعات والمواقع الإلكترونية، وحسب تصريح هيئة الإعلام، بلغ عدد كل من المطبوعات الإلكترونية 146 موقعا، ومحطات البث الفضائي 17 محطة، ومحطات البث الإذاعي 41 محطة، ومحطات إعادة البث الإذاعي محطتين، والمطبوعات الصحفية 19 مطبوعة واحدة منها حزبية، والمطبوعات المتخصصة 84 منها 13 إلكترونية.

وتحمل جميع هذه المؤسسات رؤية وطنية وقومية في وقومية في تناولها للقضايا ، وتصب رسالتها في تقديم إعلام وطني هادف يكرس حرية التعبير والرأي، ضمن أجواء قائمة على الاستقلالية والحرية المسؤولة، ومواكبة المستجدات على الصعد المحلية والعربية والعالمية.

وتحدث مسؤولون ومختصون، عن أهمية تجويد الخطاب الإعلامي الأردني، وتعزيز دور مهنة الإعلاميين والصحفيين، والدفاع عن الرواية الأردنية و سرديتها، ومحاربة الإشاعات والأخبار المضللة، من خلال رؤى مستقبلية تواكب الحداثة والتطور، ولا سيما في ظل استحداث الإعلام الجديد وأدوات الذكاء الاصطناعي.
بدوره ، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق المهندس صخر دودين، "في عيد الاستقلال التاسع والسبعين لمملكتنا الأردنية الهاشمية، لا بد من تكريس وتعزيز الرواية الأردنية، من خلال قيام الإعلام الأردني الرسمي بتسليط الضوء على الإنجازات التي حققها الأردن على مدار تاريخه، مثل التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مؤكدا أهمية إبراز الإعلام لتاريخ الأردن العريق، بما في ذلك الدور الهاشمي في قيادة الأمتين العربية والإسلامية من خلال استحضار واستنهاض فكر الثورة والنهضة العربية الكبرى".

وأضاف "يتوجب على الإعلام تعزيز مفهوم القيم الوطنية مثل الانتماء والولاء للوطن، والعمل على تعزيز الروح الوطنية لدى الأردنيين كافة، والتقيد بنشر المعلومة الصحيحة والموثوقة، والعمل على تصحيح المعلومات المغلوطة التي يتم تداولها عبر وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي، والتي تستهدف الأردن وتحاول الفت من عضده والغمز من قناته".

وقال دودين إن من أكبر التحديات التي يواجهها الإعلام في تعزيز الرواية الوطنية هو انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة انتشار المعلومة، مما يجعل من الصعب السيطرة على كمية الغث الموجود فيها، حيث تؤثر المعلومات المغلوطة على الجمهور، الذي يتوجب أن يكون أكثر حصانة، بالإضافة إلى التحديات المالية التي تواجه المؤسسات الإعلامية، ما يؤثر على جودة المحتوى وقدرتها على المنافسة، داعيا إياها للسعي إلى تحقيق الاستدامة المالية لضمان استمرارية وجودها وتأثيرها.

من جهته، قال نقيب الصحفيين الأردنيين، طارق المومني، "لا شك أن الإعلام تطور كثيرا في عهد الاستقلال، واسهم بتقدم نقابة الصحفيين، الذي انعكس على دور الإعلام في الدفاع عن الوطن والمواطن، وإيصال الرسالة إلى الناس والتأثير في توجهاتهم، وكان للإرادة السياسية العليا الدور الأبرز في دعم الإعلام ونهضته إيمانا برسالته الوطنية والمهنية والأخلاقية، باعتباره عين الرقيب الكاشفة للحقيقة، فضلا عن تأثيره في العالم باعتباره القوة الناعمة والذي يوازي دوره في السلم دور الجيوش في الحرب".

وأضاف، إن الإعلام استفاد من الثورة المعلوماتية وتطوراتها وبدأ في تطوير أدواته والتجاوب مع مخرجاتها التقنية وتدريب الكوادر بما ينعكس على المحتوى الذي سعت لتطويره وفق قاعدة الحرية والمسؤولية، وأصبح هناك كوادر مهنية محترفة، ساهمت في تأسيس العديد من وسائل الإعلام في العالم العربي.

وأكد المومني أن نقابة الصحفيين تأخذ على عاتقها مهمة تعزيز وتنمية قدرات الصحفيين، من خلال تفعيل مركز التدريب فيها، وعقد دورات تدريبية، وتمكين الصحفيين الشباب باعتبارهم ركيزة المهنة والنقابة مستقبلا .

وبين سعي النقابة لبناء شراكات مع مختلف المؤسسات لما فيه صالح المهنة ومنتسبيها، والتشبيك مع الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، والنقابات العربية للاستفاده من فرص تدريبية، إلى جانب تحديث النقابة وأتمتتها ودخولها عصر الرقمنة، والتواصل مع المؤسسات الأردنية لمساعدتها مع الجهات الرسمية لتوفير أدواتها ورقمنتها بما ينعكس على تطوير المحتوى وتعزيز القدرات وتنميتها.

بدوره، قال مدير عام هيئة الإعلام بشير المومني، إن الدور الرئيسي الذي تقوم به هيئة الإعلام هو تنظيم قطاع الإعلام في المملكة من خلال تطبيق قانون المطبوعات والنشر وقانون المرئي والمسموع والأنظمة المنبثقة عنهما، مؤكدا أن هذا الدور أنهى حالة الفوضى في قطاع الإعلام، بالإضافة ‏إلى تعزيز دور تلك المؤسسات من خلال التزامها بالمهنية والقواعد الأخلاقية لمهنة الصحافة والإعلام، وتحمل مسؤوليتها أمام القانون.

وأكد مدير عام الهيئة أنهم يعملون بشكل مستمر على مواكبة الحداثة والتطور في قطاع الإعلام، وأن أبرز ما يدل على ذلك إنشاء مديرية الإعلام الرقمي في الهيئة منذ عام ونصف، بالإضافة إلى تأسيس نظام تشريعي لتنظيم قطاع العمل في مجال الإعلام الرقمي، متطلعا إلى تنظيم القطاع وإنهاء حالة الفوضى التي تشهدها التطبيقات والمنصات الإعلامية، بما ينعكس إيجابا على جودة المحتوى وسلامة المجتمعات.

وعن دور كليات الإعلام تجاه الخريجين لتعزيز دورهم في تحسين مستوى الخطاب الإعلامي والدفاع عن الرواية الأردنيةولا سيما فيما يتعلق بالقضايا العربية، قال استاذ الصحافة والإعلام الدكتور تيسير أبو عرجة، إن كليات الإعلام معنية من خلال برامجها ومناهجها الدراسية بتضمين المواد العلمية المناسبة وفتح باب النقاش والحوار مع الطلبة، وتكليفهم بأبحاث تعنى بالثقافة القومية والوطنية والتاريخ الأردني وشخصياته السياسية وقيادته والمراحل التي مر بها.

وأضاف، إن ذلك يعني تكوين بناء علمي ووطني وقومي متكامل يؤهل الطالب منهجيا وفكريا ومعلوماتيا ليكون قادرا عند تخرجه من تناول هذه الموضوعات في أعماله الصحفية سواء في الكتابة المقالية أو المقابلات أو التحقيقات أو الانخراط في العمل الإذاعي والتلفزيوني، وكل وسائط التعبير والإعلام.

وقال: "إننا لا نكتفي في هذه الكليات بالنواحي التقنية والفنية والإخراجية، لأن من المهم إلى جانب التكنولوجيا أن يكون لدى الطالب بعدا ثقافيا وفكريا ولغويا وسياسيا كون ذلك يصب في صلب الوظيفة الإعلامية وفي الرواية الأردنية وما تتطلب به من تكريس وإشهار على المستوى الوطني والقومي والدولي.

وأشار إلى أهمية الرواية الإعلامية على البعد الخارجي خصوصا مع عالم اليوم الذي أصبح مفتوحا بفضل الإعلام الجديد والبث الذي لا يتوقف للمحتوى الإعلامي، مؤكدا أن اكتمال شخصية الخريج تكون من خلال الأبعاد الفنية والثقافية والفكرية حتى يكون قادرا على حمل لقب إعلامي أردني يخدم وطنه وأمته.

وحول مدى الاستغلال الأمثل للإعلام الجديد أو ما يعرف بالإعلام الرقمي أوضح استاذ القانون في معهد الإعلام الأردني الدكتور صخر الخصاونة، أن الإعلام الجديد متسارع جدا، معرجا على بداية هذا النوع من الإعلام بظهور المدونات ثم البطاقات الإلكترونية ثم السوشال ميديا و"الريلز" بسرعة كبيرة ، ما أدى إلى أن يصبح مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مصدر المعلومات الأول، وبالتالي نشر الشائعات والروايات والقصص التي تختلف عن الحقيقة والمضمون.

وبين أننا الآن في مرحلة جديدة من مراحل الإعلام الرقمي وظهور الذكاء الاصطناعي، وما يحيطه من مخاوف من استغلال الحياة الخاصة للمواطنين، وعدم التحقق من مصادر المعلومات، والاعتداء على قضايا حق المؤلف، ما يستدعي ربط المصطلحات، وطرح مجموعة القواعد الأخلاقية والمهنية لممارسة عمل الصحافة.

وعن التحديات التي تواجه بعض المؤسسات الإعلامية في استخدام التكنولوجيا المعاصرة من منصات التواصل الاجتماعي وأدوات الذكاء الاصطناعي في عملها، أشار إلى أن التحدي المادي يعيق مواكبة بعض المؤسسات للثورة التكنولوجية وتضمينها بالعمل بسبب كلفتها العالية، إضافة إلى التحدي الفني والتقني المتعلق بامتلاك أدوات وبرامج الذكاء الاصطناعي ونقص في الكوادر البشرية المؤهلة القادرة على إنتاج محتوى إعلامي تكنولوجي يواكب الصورة وحاجة العصر.