إفادات مروّعة تكشف "الجحيم" الذي يعيشه معتقلو غزَّة في سجون الاحتلال

mainThumb
إفادات مروّعة تكشف "الجحيم" الذي يعيشه معتقلو غزَّة في سجون الاحتلال

18-06-2025 02:24 PM

printIcon

أخبار اليوم - كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، تفاصيل مروّعة وصادمة وردت في إفادات جديدة أدلى بها معتقلون من قطاع غزة، تحتجزهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي في السجون والمعسكرات المختلفة.

وتوثق الإفادات التي تم الحصول عليها من خلال زيارات قانونية ما بين أواخر أيار وبداية حزيران الجاري، تعرض المعتقلين لتعذيب ممنهج، وتحقيقات قاسية، وظروف اعتقالية قاسية و"لا إنسانية"، وصفها الأسرى بـ"الجحيم"، والسجون بـ"القبور".

ووفقًا لمعطيات إدارة سجون الاحتلال، بلغ عدد المعتقلين من غزة في السجون فقط، حتى مطلع حزيران، (2214) معتقلًا، لا يشمل هذا الرقم من يُحتجزون في المعسكرات العسكرية.

وأشارت الهيئة والنادي إلى أن الإفادات تم جمعها من معتقلين محتجزين في سجن "النقب"، ومعسكر "عوفر"، ومعسكر "سديه تيمان"، بالإضافة إلى قسم "ركيفت" الواقع تحت سجن "نيتسان الرملة".

ومن أبرز الإفادات:

-أحد المعتقلين تم ضربه (بسيخ- قضيب حديد) على رأسه خلال التحقيق

-المعتقل (ع. ي) محتجز في قسم "ركيفت"، بحسب إفادته، فقد تعرض لتحقيق ميداني لمدة 8 ساعات بعد اعتقاله من مستشفى الشفاء في شهر آذار/ مارس 2024، وخلال التّحقيق تعرض للضرب "بسيخ -قضيب حديد" على رأسه، مما أدى إلى إصابته بجرح عميق في فروة الرأس، وما تزال آثار الإصابة واضحة بشدة، ويعاني اليوم من مشكلة في النظر، وشعور بدوخة مستمرة.

في شهر آب/ أغسطس 2024، تعرض للتحقيق مجدداً واستمر معه لمدة 16 يوماً في أحد المعسكرات في الغلاف، واستخدم بحقّه تحقيق (الديسكو- أحد أنواع التحقيق الذي يعتمد على استخدام الصوت الصاخب والذي استخدم بشكل أساس بحق معتقلي غزة بعد الإبادة)، كما تعرض لتحقيق عسكري مرتين، واستخدم المحققون الماء لتعذيبه، حيث كان يقوم المحققون بسكب الماء على رأسه بشكل متعمد، وذلك رغم الإصابة التي تعرض لها في الرأس بسبب عمليات التعذيب -خلال التحقيق الأول-، مما فقام من وضع الإصابة بحدوث التهابات حادة، أدت إلى خروج القيح من فروة الرأس.

وأثناء تواجده في تحقيق "عسقلان"، تعرض للتعذيب بواسطة عمليات "الشبح" أو ما يسمى (الموزة- أي الشبح على الكرسي)، حيث كانت تمتد كل جولة تحقيق معه لمدة 12 ساعة، خلالهم كان يتعرض للضرب المبرح، الذي تسبب بفتح مكان الإصابة في الرأس مجددا، ولاحقا مكث في العزل الإنفرادي لمدة 49 يوماً، كان يتم إحضار أشخاص له بين فترة وأخرى وتبين أنهم من "العصافير". وفي بداية العام الجاري، تم نقله إلى قسم "ركيفت" الواقع تحت سجن "نيتسان – الرملة". وننوه هنا إلى أن إفادة المعتقل تركزت على ما جرى معه قبل نقله إلى سجن "ركيفت"، حيث كان من الواضح على المعتقل بحسب ملاحظات المحامي الذي قام بزيارته، أنّه كان في حالة رعب، وخوف من الحديث عن أي شيء يخص الظروف الاعتقالية في "ركيفت"، لكنه أشار إلى أنهم يتعرضون للشتائم، والإهانات طوال الوقت، ويجبرون الأسرى على شتم أمهاتهم، إضافة إلى استمرار عمليات القمع، التي يرافقها رشهم بالغاز، مع استمرار سياسة كسر الأصابع.

-(ى.أ) معتقل منذ شهر يناير/ كانون الأول، حيث أفاد أنّه تعرض لتحقيق ميداني لمدة ساعة بعد الاعتقال، وجرى نقله إلى ما يعرف "بالبركسات"، وأثناء تواجده هناك تم التّحقيق معه من قبل المخابرات، حيث تعرض للضرب، ثم جرى نقله لما يعرف بتحقيق (الديسكو)، خلاله تعرض للضرب والقمع والشبح، مما أدى إلى فقدانه للوعي بشكل متكرر، ثم استؤنف التّحقيق معه، خلاله تعرض للضرب الشديد، ومن شدة الضرب تم خلع القيود من يديه، حيث تركزت عمليات الضرب على الرأس، وتعمدوا نتف شعره، ثم جرى نقله إلى معسكر (عوفر)، ومكث فيه لمدة 18 يوما، ولاحقاً نُقل إلى قسم "ركيفت" في سجن الرملة.

وفي قسم "ركيفت"، تعرض للضرب مجدداً لكونه غير قادر على النوم بشكل طبيعي بسبب الإصابات التي يعاني منها جرّاء التّحقيق، حيث شكّل هذا الأمر ذريعة للسجانين لقمعه وضربه كون المعتقلين يتعرضون للمراقبة على مدار الساعة، واليوم يعاني من كسور في الأضلاع، ولا يستطيع النوم، كما أنه يعاني من مشكلة في الأذنين والعيون، ووجع في الكلى، وبحسب المحامي، فقد أكّد مجدداّ أنه وعند سؤال المعتقل عن الأوضاع داخل سجن "ركيفت" بدأ المعتقل بالبكاء، وكان من الواضح حالة الرعب والخوف عليه.

-المعتقل (أ.ي) معتقل منذ شهر كانون الثاني/ يناير 2024، تعرض للتحقيق لمدة يومين بعد اعتقاله، ثم جرى نقله إلى ثكنة عسكرية داخل منزل في غزة، ثم نقل "البركسات" في الغلاف لمدة 9 أيام، خلالها تعرض للضرب ولتحقيق قاسٍ، وشمل ذلك تعرضه لتحقيق (الديسكو)، وتحقيق عسكري بحسب وصفه، استخدم المحققون معه أسلوب الشبح على الكرسي لمدة 36 ساعة متواصلة، وفي سجن (عسقلان) الذي نقل إليه لاحقاً تم التّحقيق معه من 5-6 مرات، حيث جرى تعذيبه من خلال إجباره على الجلوس على الركبتين لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، ثم يلي ذلك بضربه على الركبتين، لاحقا وبعد مدة من التّحقيق معه في (عسقلان)، جرى نقله إلى زنازين سجن (عوفر) حيث يحتجز اليوم.

إحدى الزيارات التي جرت كانت لمعتقل ضرير

اعتقل (ل.ع): في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023، من منزله في مدينة غزة رغم أنه ضرير، ويعاني من مشاكل صحية عديدة، وفي إفادته ركز المعتقل (ل.ع) على الواقع المأساوي الذي يواجهه معتقلو غزة في سجن "النقب"، فبحسب المعتقل فقد تعرض القسم الذي يقبع فيه في سجن "النقب" مؤخراً لعملية قمع واسعة، حيث تم إخراج المعتقلين من القسم بذريعة التفتيش، وقامت قوات القمع بضرب المعتقلين، ووضعوهم في قفص لأكثر من ثماني ساعات، وبعد الانتهاء من التفتيش، فرضت إدارة السّجن عقوبات بحقهم، تمثلت بحرمانهم من الخروج إلى (الفورة – ساحة السجن)، إلى جانب هذا فقد عانى المعتقل خلال الفترة الأخيرة من أوجاع شديدة في البطن، والكلى، ومن الإصابة بمرض (الجرب- السكابيوس)، ولم يقدم له أي علاج، يذكر أن الأسير (ل.ع) هو واحد من بين مئات المعتقلين من غزة الذين فقدوا العديد من عائلاتهم خلال الإبادة دون علمهم، وكان هو من بينهم، حيث فقد زوجته وثلاثة من أبنائه، واثنتين من حفيداته، وزوجة أخيه وأبنائهم.

المعتقل (ب.ة) يقبع في سجن "النقب" وهو معتقل منذ الرابع من كانون الأول/ ديسمبر 2024. جرى اعتقاله رغم تعرضه لإصابة خطيرة في الظهر، وبعد مرور 15 يوما على اعتقاله جرى نقله إلى المستشفى، وأجريت له عملية جراحية، ورغم حاجته الماسة لاستكمال العلاج إلا أنه تم نقله في اليوم التالي للسجن، ووصف المعتقل رحلة اعتقاله بالجحيم المتواصل، فلم يكن يعلم إلى أين سيتم نقله، وما هو وضعه القانوني، هذا إضافة إلى ما تعرض له من تعذيب واعتداءات مختلفة، وجرائم طبيّة ممنهجة، وعمليات تجويع كما المعتقلين كافة، وفي هذا الإطار ذكر الأسير أن المعتقلين يقومون بجمع لُقيمات الطعام التي تُقدم لهم خلال اليوم ويتناولونها ليلا كوجبة واحدة.

المعتقل (د.ت): تعرض لأزمة قلبية حادة في كانون الثاني/ يناير 2024 بعد اعتقاله ونقله إلى سجن "عوفر"، حيث صرح بعد اعتقاله أنه يعمل كطبيب، وهذا التصريح كان كافيا للمضاعفة عمليات التعذيب والتنكيل بحقه، فعند علمهم بمهنته، طلبوا منه أن ينحني ويركض، فلم يستطيع الانصياع لأوامرهم، فقام السجانون بسحله وضربه، مما أدى إلى تعرضه لأزمة قلبية، وتكرر الأمر معه بعد نقله إلى سجن "نفحة" في شهر أيار 2024، حيث تعرض للقمع والضرب مجددا لنفس السبب، ثم جرى نقله إلى سجن "النقب"، وتم عزله إنفراديا لمدة (24) يوما في زنزانة تفتقر للحد الأدنى من شروط الحياة الأدمية، وكانت تفتقر حتى لدورة المياه، وكان يتعرض للضرب والإهانة على مدار الوقت.

وقد شكّلت الإفادات الأخرى تأكيدا على ما ذكره معظم المعتقلين في سجن "النقب"، من حيث استمرار عمليات الاعتداء، والمعاملة المهينة، والمذلة، التي يتعرضون لها طوال الوقت، وتحويل إجراء (العدد أو ما يسمى بالفحص الأمني) لمحطة للتنكيل بالمعتقلين، وكذلك خلال الخروج إلى ما تسمى (بالفورة – ساحة السجن)، إلى جانب استمرار انتشار الأمراض والأوبئة وتحديدا مرض (الجرب- السكابيوس)، فبعض المعتقلين مر على إصابتهم بالمرض عام وأكثر دون علاج، عدا عن وجود العديد من المعتقلين الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة وبحاجة إلى علاج ورعاية صحية باستمرار، ويواجهون سياسة الحرمان الكلي من العلاج التي تندرج في إطار (الجرائم الطبيّة) الممنهجة.

أما على صعيد الوضع العام الذي يعيشه معتقلو غزة في معسكر "عوفر" هكذا وصفه أحد الأسرى الذين تمت زيارتهم، "الوضع في المعسكر مثل القبور"، في ساعات النهار يسحبوا الأغطية من الفجر حتى الليل، الغرفة في الشتاء مثل الثلاجة والرطوبة فيها عالية جدا، الملابس يتم تغيرها كل 4 شهور، وهي ملابس مستعملة وقديمة، الطعام ما يزال كما هو (لقيمات)، حيث يضطر المعتقل على جمع لقيمات الطعام على مدار ثلاثة أيام، ويأكلونها مرة واحدة، إلى جانب ذلك ما تزال عمليات القمع، والضرب، والإهانات مستمرة، كما ويمنع على المعتقلين الحديث مع بعض، والأمراض منتشرة وتحديداً مرض (الجرب- السكابيوس)، دون علاج".

تؤكّد هيئة الأسرى ونادي الأسير، أنّ إفادات معتقلي غزة شكّلت وما تزال الإفادات الأقسى والأشد منذ بدء الإبادة، والتي تضمنت أنواع الجرائم كافة، والتي تسببت باستشهاد (45) معتقلا من غزة وهم فقط المعلومة هوياتهم، وهم من بين (72) أسيراً ومعتقلاً استشهدوا في سجون ومعسكرات الاحتلال بعد الإبادة، وهم كذلك المعلومة هوياتهم، علماً أنّ هناك العشرات من معتقلي غزة الشهداء رهن الإخفاء القسري.

في هذا السياق تؤكّد هيئة الأسرى ونادي الأسير، أن الاحتلال ماض في إبادته وجرائمه على مرأى ومسمع من العالم، دون أي تغيير حقيقي يساهم في وقف الإبادة، والعدوان الشامل على شعبنا، وأحد أشكاله الجرائم المستمرة بحقّ الأسرى والمعتقلين، بل إن مرور المزيد من الوقت على استمرار الإبادة، يعني أنّ حالة العجز التي تعاني منها المنظمات الحقوقية قد تجاوز هذا التعبير، وأصبح التساؤل عن جدوى وجود منظومة حقوقية واجب علينا، مع اتساع مفهوم حالة الاستثناء التي يتمتع بها الاحتلال الإسرائيلي على الصعيد الدوليّ.

المصدر / وكالات