أخبار اليوم - من خيمة صغيرة في المواصي إلى مشروع إنساني واسع يسعى لتمكين الطلبة الفلسطينيين من استكمال تعليمهم رغم حرب الإبادة والدمار، وُلدت مبادرة "تمكين إنسان" من رحم المعاناة، لتُشكّل بارقة أمل للطلبة الذين حاصرتهم الحرب، وجعلت الدراسة ضربًا من الخيال.
مبادرة يقودها شباب متطوعون، آمنوا بأن الإرادة لا تموت، وأن التعليم هو جسر العبور للمستقبل.
ويقول مؤسس ومدير المبادرة علاء الخضري عن تفاصيل "تمكين إنسان": انطلقت شرارتها من قلب المعاناة، حين وجد الطلبة الجامعيون في غزة أنفسهم عاجزين عن مواصلة دراستهم بسبب انقطاع الكهرباء، غياب الإنترنت، وندرة أماكن العمل أو الدراسة في ظل الحرب المفروضة على القطاع.
ويوضح أن البداية كانت متواضعة، من خلال مساحة صغيرة في خيمة بمنطقة المواصي، لكنها سرعان ما تطورت إلى مشروع إنساني يسعى لتمكين الطلبة الفلسطينيين من الحفاظ على الأمل في مستقبلهم رغم الدمار.
ويشير إلى أن الفكرة بدأت فعليًا في نوفمبر 2023، مع دخول العدوان على غزة أسبوعه الخامس، أما التنفيذ الميداني فانطلق في ديسمبر عبر أول نقطة تشغيل للطلبة.
دعم دائم
ويتابع قائلًا: "نحن في تمكين إنسان لا نؤمن بفكرة السقف الزمني، لأننا نرى أنفسنا رافعة دعم دائمة للطلبة، ما دام هناك طالب فلسطيني بحاجة لمن يساعده على الصمود والتعلّم".
ويبيّن الخضري أن الفئة المستهدفة في المبادرة تتمثل بشكل أساسي في طلبة الجامعات في غزة، خصوصًا أولئك المتضررين من الحرب، أو من فقدوا بيوتهم، أو يُعتبرون "أيتامًا" بالمعنى الاجتماعي نتيجة فقد أحد الوالدين أو كليهما.
ويضيف: "نعطي أولوية أيضًا للطلبة الذين يعانون أوضاعًا اقتصادية صعبة. ومع ذلك، نفتح المجال لاحقًا للاستفادة لفئات أخرى مثل الخريجين الباحثين عن فرص تطوير مهاراتهم".
وعن أهداف المبادرة، يقول الخضري: "نهدف إلى تمكين الطلبة الفلسطينيين من مواصلة دراستهم في ظل الحرب، وتوفير بيئة آمنة تحتوي إنترنت وكهرباء ومقاعد للدراسة والاختبارات، إضافة إلى تقديم فرص تطوير مهني وتعليمي، وخلق مساحات إبداع مشتركة تطور المهارات وتفتح فرصًا للتشبيك، مع تعزيز قيم التطوع والمسؤولية المجتمعية بين الشباب".
ويتحدث عن أبرز التحديات التي واجهت المبادرة، ومنها ضعف تغطية الإنترنت في المناطق الآمنة، صعوبة الوصول إلى التمويل اللازم لتوسعة المبادرة، وتحديات تأمين نقاط تشغيل جديدة في ظل التهجير والنزوح.
ويضيف: "واجهنا أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في التكاليف التشغيلية من بطاقات إنترنت، كهرباء، أجور مقاعد، مشروبات، خدمات نظافة، إلى جانب قلة الأجهزة المحمولة لدى الطلبة. كما ظهرت بعض العوائق المجتمعية التي تعيق أحيانًا مشاركة الإناث".
رغم هذه التحديات، استطاعت المبادرة تحقيق نجاحات نوعية، منها – كما يوضح الخضري – فتح 9 نقاط تشغيل مؤقتة في محافظات مختلفة في غزة، وتسجيل 2000 طالب حتى الآن، استفاد منهم فعليًا أكثر من 1000 طالب، فيما أنهى 700 طالب فصلًا دراسيًا كاملًا بفضل المبادرة. كما تم تقديم دعم مباشر وغير مباشر لـ 150 خريجًا من خلال العمل أو التطوع أو التدريب.
وفي ختام حديثه، يشدد الخضري على أن "غزة ليست مجرد بقعة منكوبة، بل مصنع أمل ومواهب"، مضيفا: "ما نفعله في تمكين إنسان هو إثبات حيّ على أن الإرادة تتغلب على الحرب. رسالتي للطلبة: لا تستسلموا، المستقبل ملكٌ للمثابرين. وللداعمين: دعمكم هو أوكسجين أحلامنا، فكونوا جزءًا من هذا الأثر".
فلسطين أون لاين