بيروت - أخبار اليوم - صفوت الحنيني
قال المحلل السياسي اللبناني سامر كركي إن الأزمة لا تتعلق فقط بأنظمة الحكم والسياسات الرسمية في العالم العربي، بل تمتد بشكل أعمق إلى الشعوب العربية ذاتها التي باتت تعيش حالة من السبات العميق، مشيرًا إلى أنها تُحرّك غالبًا بدوافع طائفية ومذهبية أكثر مما تُحركها المآسي الإنسانية والمجازر، وعلى رأسها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة
واعتبر كركي في حديثه لـ"أخبار اليوم" أن ما يجري في غزة هو إبادة جماعية هي الأكبر في التاريخ الحديث، تترافق مع عملية تجويع ممنهجة لأكثر من مليوني إنسان يعيشون في ظروف قهرية تحت الحصار، ومع ذلك لا نشهد من الشعوب العربية إلا حراكًا خافتًا وشبه غائب، باستثناء التحركات التي تتفجر فجأة عند أي صراع طائفي أو مذهبي، حيث تظهر الفزعات وتتصدر المشهد بشكل لافت، في مشهد يعكس خللًا عميقًا في أولويات الشارع العربي
وأشار إلى أن إسرائيل، بدعم من الغرب، نجحت في تحويل طبيعة الصراع من كونه صراعًا عربيًا إسرائيليًا كانت فيه الشعوب تتصدر التظاهرات والاعتصامات، إلى صراع عربي إيراني، وهو ما أدى إلى قلب المفاهيم وتبديل العدو، بحيث باتت إيران هي العدو في نظر بعض الأنظمة وقطاعات من الشارع، بدلًا من الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يزال يمارس الاحتلال والقتل والتطهير في فلسطين يوميًا
وأكد كركي أن هذه التحولات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة حملات ممنهجة تهدف إلى استغلال الثروات العربية وتفكيك وعي الشعوب، مضيفًا أن ما نشهده اليوم من انقسام وتيه فكري هو نتاج لثقافة استُبدلت فيها معاني النضال بمعارك مذهبية، حتى باتت شخصيات مثل "أبي لهب" و"أبي جهل" تعيش في عقول الكثير من أبناء المجتمعات العربية، بحسب تعبيره
وختم كركي بالقول إن الواقع العربي لن ينهض ما دامت الشعوب تفكر بهذه الطريقة وتغرق في أوهام الطائفية وتبتعد عن جوهر القضية الفلسطينية