"غزة تحترق بالصيف .. النازحون يواجهون الموت في الخيام

mainThumb
"غزة تحترق بالصيف.. النازحون يواجهون الموت في الخيام

28-07-2025 10:20 AM

printIcon

أخبار اليوم - تجلس أم ناصر القطامي (35 عامًا) داخل خيمتها الصغيرة المصنوعة من قماش أبيض مهترئ، تلوّح بقطعة كرتون فوق وجه رضيعها الذي لا يتوقف عن البكاء. الحرارة خانقة، والهواء مشبع برطوبة ثقيلة تجعل من التنفس مهمة شاقة.

تقول أم ناصر، وهي تمسح العرق الغزير عن جبين طفلها، لصحيفة "فلسطين": "ابني يبكي طوال الليل، لا ينام من شدة الحر. أشعر أن قلبه يحترق.. لا توجد مروحة، ولا حتى بطارية لتشغيلها إن وُجدت. لا كهرباء منذ شهور، ولا ظل يحمينا من الشمس".

أم ناصر نزحت من حي الشجاعية شرق مدينة غزة قبل عدة أشهر، بعد أن دُمّر منزلها في قصف إسرائيلي، وتعيش الآن في خيمة منصوبة على أرض رملية قرب شاطئ البحر، في منطقة محرومة من أبسط مقومات الحياة.

وتضيف: "نحن نموت مرتين.. مرة بالحرب، ومرة بالحر. يوليو وأغسطس شهور جحيمية؛ لا هواء، لا ماء، لا نوم.. والرطوبة تجعلنا كأننا داخل فرن".

تشرح كيف أن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة يزيدان من معاناة العائلة اليومية، في ظل انعدام التهوية تمامًا داخل الخيام: "أطفالي يطلبون الماء طوال الوقت، حتى أنني أضطر أحيانًا لتقليص نصيبي منه كي أعطيهم. لكن الماء نفسه قليل ومُلوّث، ولا يكفي لا للشرب ولا للاستحمام".

الحر الشديد يفاقم الأوضاع الصحية للأطفال وكبار السن في المخيمات، خاصة في ظل انعدام التهوية وضعف المناعة الناتج عن سوء التغذية. وتقول أم ناصر إن أحد أطفالها أُصيب بطفح جلدي والتهابات بسبب التعرّق المستمر وغياب المياه النظيفة.

وتختم بمرارة: "هذه حياة لا تُطاق.. نريد فقط أن نعيش بكرامة. نريد ظلًا، وهواءً، وماءً نظيفًا.. هل هذا كثير؟"

بطاريات متهالكة وأسعار خيالية

منذ انقطاع الكهرباء الكامل عن غزة في أكتوبر 2023، توقفت المولدات المنزلية والمراوح عن العمل، ولم تعد البطاريات القديمة قادرة على تشغيل أبسط وسائل التهوية. ويؤكد النازحون أن أسعار البطاريات ارتفعت بشكل خيالي، لتصل إلى 20 ضعف سعرها الأصلي، وغالبًا ما تكون غير صالحة للاستعمال.

يقول محمد علي حسن (45 عامًا)، نازح يعيش في خيمة بمنطقة المشتل غرب مدينة غزة، لصحيفة "فلسطين": "أبحث منذ أسبوع عن بطارية لتشغيل مروحة صغيرة لأطفالي، لكني لا أستطيع شراءها.. سعرها أكثر من 3000 شيكل، وإن اشتريتها فلن تصمد لأكثر من يومين.. كلها قديمة، ولا تدخل بطاريات جديدة إلى غزة منذ بداية الحرب".

ويضيف: "في الليل، لا يتحسن الوضع.. الهواء خانق، والناموس ينهشنا. لا ننام، فقط ننتظر الصباح لنبحث عن ماء نغسل به أجسادنا المحترقة".

ويتابع: "منذ بدأ الصيف ونحن نعيش كابوسًا لا ينتهي. الحر والرطوبة يسرقان أنفاسنا. لا أحد يزورنا في الخيام؛ لا يستطيعون البقاء هنا ساعة واحدة.. فكيف نحتمل نحن العيش هنا لأشهر؟"

ومع ارتفاع درجات الحرارة، يزداد الطلب على المياه رغم ندرتها. ويشكو علي حسن من شُح المياه قائلًا: "نحصل على مياه غير صالحة للشرب، لكننا نشربها.. حتى المياه النظيفة تحتاج إلى معجزة. أطفالي يصرخون من العطش، وأحيانًا أخلط الماء مع قليل من العصير حتى لا يشعروا بمرارته".

ويضيف: "أحيانًا أضع قطعة قماش مبللة على رأس ابني حتى لا يُغمى عليه من شدة الحر، لكن حتى هذه المياه قد تنفد في أي لحظة".

خطر على حياة المرضى

فيما يؤكد جاره، مهدي عبيد، أن درجات الحرارة المرتفعة تؤثر مباشرة على صحة أطفاله، خاصة من يعانون أمراضًا مزمنة كالحساسية أو الربو.

يقول لصحيفة "فلسطين": "ابني عمره 6 سنوات ويعاني من الربو. أي نوبة مفاجئة قد تقتله.. الحر يقتلنا ببطء، وما زلنا على قيد الحياة فقط لأننا لا نملك خيارًا آخر".

ويختم عبيد بغصّة: "أحيانًا أصرخ من شدة الحر، ليس لأنني لا أتحمله، بل لأنني أعجز عن إنقاذ أطفالي منه".

المصدر / فلسطين أون لاين