أخبار اليوم – سارة الرفاعي - قالت الناشطة الاجتماعية تقوى البطوش إن المرأة الكركية لم تكن يومًا على هامش الحياة العامة، بل حملت على عاتقها منذ فجر التاريخ مسؤوليات عظيمة وشاركت الرجال في معارك الدفاع عن الأرض والوطن والكرامة، مؤكدة أنها كانت صاحبة رأي وموقف في المحطات المفصلية.
وأشارت البطوش إلى نماذج مضيئة في التاريخ الكركي، مثل قمره القصوص التي عرفت بثقافتها عام 1902 وكانت تتقن ثلاث لغات وتواصل تعليمها حتى في ظروف صعبة، ومشخص المجالي التي جسدت مع أخواتها بندر وشفق أروع صور الشجاعة والتضحية في مطلع القرن العشرين، إلى جانب إرث الشيخ علي الضمور عام 1834 الذي قدم أبناءه شهداء من أجل الوطن. وأكدت أن هذه الأسماء وغيرها صنعت بصمة خالدة في ذاكرة الكرك والأردن.
وأضافت أن المرأة الكركية استمرت على ذات النهج حتى اليوم، فحملت إرثًا مشرفًا وأثبتت قدرتها على إدارة الأمور بحكمة واقتدار، واستطاعت أن تحجز لنفسها مكانة متقدمة في مواقع صنع القرار والمساهمة في صياغة المستقبل، تمامًا كما ساهمت في صناعة الماضي، فهي الأم والمعلمة والقائدة والمسؤولة، مثلها مثل باقي نساء الأردن، لكن خصوصيتها تكمن في أصالتها وقيمها التي ترافقها أينما كانت.
وبيّنت البطوش أن هذا التاريخ المشرّف لا يلغي ما تواجهه المرأة الكركية من تحديات ومعاناة في واقعها الراهن، إذ ما زالت تعاني من قلة الفرص الاقتصادية وضعف تمكينها في سوق العمل، وارتفاع معدلات البطالة في صفوفها، رغم ما تمتلكه من إمكانيات لتأسيس مشاريع مستدامة قادرة على توفير دخل كريم. كما تواجه صعوبة في الوصول إلى بنية تحتية تراعي احتياجاتها واحتياجات أسرتها، وتفتقر إلى وسائل نقل عام فعالة ومرافق آمنة ومساحات مهيأة للمشاركة المجتمعية، فضلاً عن أن جودة التعليم والتدريب المتاح أمام الفتيات لا يرتقي لطموحاتهن ويحد من فرصهن في المنافسة بمجالات متعددة.
وختمت البطوش بالقول إن المرأة الكركية، ورغم كل هذه التحديات، تبقى رمزًا للصبر والكفاح، تحمل في ملامحها صلابة الجبال وشموخ القلاع، وتجمع بين الأصالة والحداثة في معادلة فريدة قل أن تتكرر، مؤكدة أنها ستظل ابنة بيئة صعبة شكّلت صبرها وزادت من قوتها، وستبقى وفية لإرث عليا ومشخص وبندر وقمره، تواجه الحاضر بعزيمة على التغيير وبإيمان بفرص عادلة تضمن حضورها وابداعها في مختلف الميادين.