أخبار اليوم - في هذا التوقيت من كل عام، يستعد المزارعون الفلسطينيون لقطف محصول الزيتون، أحد أهم المواسم الزراعية وأكثرها ارتباطاً بالتراث والاقتصاد المحلي غير أن هذا الموسم، وللعام الثالث على التوالي، يواجه المزارعون في قطاع غزة حرماناً من الوصول إلى أراضيهم وجني محصولهم بسبب عمليات الاحتلال المستمرة والقيود المفروضة على الحركة.
المزارع أبو يونس جعرور فقد أرضه الزراعية البالغة 30 دونماً في مدينة غزة بعد أن أجبر على مغادرة منطقته إثر عمليات التجريف التي نفذها الاحتلال خلال أشهر الحرب.
هذه العمليات أدت إلى اقتلاع أشجار معمرة وتدمير أخرى كانت قيد النمو.
وكان جعرور يعتمد على أرضه لتلبية احتياجات أسرته من الزيتون المخصص للتخليل وإنتاج الزيت، بينما يبيع الفائض في الأسواق المحلية.
وتوزعت أرضه بين صنف الزيتون K18 على مساحة 20 دونماً، و10 دونمات مخصصة للزيتون السري.
رغم هذه الخسائر، تظهر في بعض مناطق وسط القطاع مشاهد مختلفة، حيث نجحت بعض العائلات البعيدة عن خطوط التماس في جني كميات محدودة من الزيتون وبيعها في الأسواق المحلية.
في أحد أسواق النصيرات، جلست السيدة أم أحمد أمام بسطتها تعرض ثمار الزيتون السري التي التقطتها من خمس شجرات تملكها في أرضها بالزوايدة.
تقول أم أحمد لصحيفة "فلسطين" إن الكمية قليلة، لكنها تمكنت من تأمين احتياجات أسرتها وبيع الفائض لتغطية بعض النفقات، مشيرة إلى أن الزيتون السري يتميز بنكهته ومناسب للتخليل.
وأشارت إلى اسراعها في القطف خشية تغول الاحتلال لوسط القطاع وتجريف الأخصر واليابس.
من جانبه، أوضح الخبير الزراعي نزار الوحيدي أن الحرب واعتداءات الاحتلال دمرت كل شيء في قطاع غزة، بما في ذلك الغطاء النباتي والمزارع الاستراتيجية. وتبلغ مساحة الأرض المزروعة بالزيتون في القطاع حوالي 40,650 دونماً، وقد عملت وزارة الزراعة والمؤسسات المعنية خلال السنوات العشر الأخيرة على إدخال أصناف حديثة وتحسين الإنتاج.
وأوضح الوحيدي لـ"فلسطين" أن متوسط إنتاج الدونم الواحد يصل إلى 300 كيلوجرام من الزيتون، بإجمالي إنتاج يقارب 10 آلاف طن سنوياً، وهو ما كان يغطي نحو 35% من الاحتياج المحلي.
ويبلغ معدل استهلاك الفرد السنوي من الزيتون 15 كيلوجراماً، منها 12 كيلوجراماً للعصر وإنتاج الزيت، و3 كيلوجرامات للتخليل، بينما يصل متوسط استهلاك الفرد من الزيت إلى نحو 2 لتر سنوياً، متأثراً بالأسعار والوضع الاقتصادي.
وتتعدد أصناف الزيتون في قطاع غزة، أبرزها الزيتون السري والشملالي وK18، إلى جانب أصناف أخرى أقل انتشاراً مثل الكرافتا والنبالي. وتتميز شجرة الزيتون بانخفاض تكاليف الزراعة مقارنة بالمحاصيل الأخرى، كما تتحمل الملوحة وتستهلك كميات أقل من المياه والأسمدة والمبيدات.
وقبل الحرب، كان القطاع يضم 28 معصرة زيتون، منها 8 معاصر نصف أوتوماتيكية و20 معصرة أوتوماتيكية، ما كان يوفر بنية تحتية لمعالجة المحصول وتلبية احتياجات السوق المحلية.
اليوم، يواجه قطاع الزيتون في غزة تهديداً حقيقياً بانهيار هذا المورد الحيوي بسبب احتلال الأراضي والتجريف المتواصل.
فلسطين أون لاين