بين الأنقاض والرصيف .. غزة بلا مأوى

mainThumb
بين الأنقاض والرصيف.. غزة بلا مأوى

17-09-2025 10:02 AM

printIcon

أخبار اليوم - مع كل تهديد بقصف أو أمر إخلاء قسري، تفرغ العمارات والأبراج السكنية من سكانها في دقائق قليلة. آلاف العائلات باتت بلا مأوى، تنام على الأرصفة أو في الشوارع، تحمل في أيديها أوراقها الثبوتية وأطفالها، وتوثّق لحظة تحولها من ساكن إلى مشرّد على فيسبوك وموقع "إكس".

حقيبة صغيرة

كتب محمد العطار، أحد سكان وسط مدينة غزة، على صفحته في فيسبوك بعد ساعات من قصف البرج الذي كان يسكنه: "كنا في الطابق السابع حين جاءنا التهديد. نزلنا مسرعين ولم نأخذ سوى حقيبة صغيرة تحتوي بعض الملابس والأوراق. تركتُ ورائي أثاث البيت وذكريات سنين، وخرجت إلى الشارع. لأول مرة أنام مع أطفالي بلا سقف يحميهم."

محمد الآن يبيت مع أسرته على رصيف قريب من مكان القصف، ويصف ليله بأنه "الأطول والأكثر رعبًا" في حياته.

بين الأنقاض

يروي أحد الآباء من مخيم الشاطئ شهادته في مقطع مصوّر تداولته منصات التواصل: "طلبوا منا أن نخرج فورًا. لم يعطونا وقتًا. دخلت زوجتي وأولادي لجمع بعض الأوراق، لكن الطائرات قصفت. بقوا تحت الأنقاض… ما زلت أسمع أصواتهم حتى لحظة الانفجار."

هذه الشهادة التي تناقلها مستخدمو فيسبوك وإكس اختصرت مأساة مئات العائلات التي لم تُتح لها فرصة النزوح الآمن.

مطاردة دائمة

غرد محمد، نازح من حي الشيخ رضوان، على "إكس": "بقينا ننتقل من شارع إلى آخر، نهرب من الطائرات الصغيرة التي تلاحقنا حتى ونحن نحمل أطفالنا."

تعبيره القصير صار من أكثر التغريدات تداولًا، لأنه يعكس حجم الرعب حتى بعد ترك البيوت.

في ليلة واحدة فقط، امتلأ شارع الرشيد بآلاف العائلات. أظهرت صور ناشطين على فيسبوك وإكس طوابير من السيارات المتوقفة لساعات طويلة، وأطفال ينامون على الأرصفة بجانب أمهاتهم. كتب أحدهم:

"نمنا في الشارع، بلا بطانيات ولا وسائد. تركنا أمتعتنا كما هي، وها نحن ننتظر الفجر ولا نعرف أين نذهب."

تحولت هذه العبارات القصيرة إلى توثيق جماعي للكارثة.

إلى المجهول

على فيسبوك، كتبت مريم الكحلوت، أم لأربعة أطفال: "لم يكن أمامنا خيار. خرجنا من البيت مع إنذار الطائرات، ولم نحمل سوى هوياتنا. أبنائي يسألون: إلى أين نحن ذاهبون؟ ولا أملك جوابًا… خرجنا إلى المجهول."

تصف مريم أن أصعب لحظة لم تكن فقدان المنزل، بل "عجز الأم أمام سؤال طفلها".

انتشرت على "إكس" مقاطع فيديو لنازحين أقاموا خيامًا مؤقتة قرب مناطق مفتوحة، قبل أن تُستهدف بالقصف. كتب أحد الناجين: "هربنا من البيت لننجو، ثم قصفت الخيمة التي احتمينا بها. لا بيت، ولا خيمة، ولا مكان."

تلخّص هذه الشهادة أن التشرد لم يتوقف عند لحظة الإخلاء، بل طال حتى الملاجئ المؤقتة.

بلا أمان

نشرت وكالة الأونروا على صفحتها الرسمية في فيسبوك: "الناس ليس لديهم مكان يذهبون إليه… لا يوجد مكان آمن في غزة. لا أحد آمن."

تفاعل آلاف النازحين مع هذا المنشور بصورهم وتعليقاتهم، مؤكدين أن الشوارع باتت "المأوى الوحيد" لآلاف العائلات.

شهادات محمد ومريم والعشرات غيرهما ليست مجرد قصص فردية، بل أرشيف حيّ يكتبه سكان غزة بأصابع مرتجفة من التعب والخوف. في غياب الملاجئ الرسمية، تحولت مواقع التواصل إلى دفتر يوميات جماعي للنكبة المستمرة: منازل تتحول إلى ركام، وعائلات تُلقى في الشوارع، وأصوات تبحث عن مأوى لا تجده.

فلسطين أون لاين