الفاتورة الخفية للنزوح القسري .. عبء اقتصادي يلاحق الغزيين

mainThumb
الفاتورة الخفية للنزوح القسري.. عبء اقتصادي يلاحق الغزيين

24-09-2025 12:58 PM

printIcon

اخبار اليوم - لم يكن نزوح بعض الأهالي قسرا من مدينة غزة إلى وسط وجنوب القطاع مجرد مصير محتوم تحت وقع القصف، بل أصبح عبئًا اقتصاديًا يلاحق آلاف الأسر في تفاصيل حياتهم اليومية.

من تكاليف النقل الأولى إلى الإيجارات المرتفعة وأسعار المواد الأساسية، تتشكل "فاتورة نزوح" ثقيلة يدفعها النازحون في وقت فقدوا فيه مصادر رزقهم.

أبو محمد الشيخ خليل، سائق أجرة من غزة، وجد نفسه مجبرا على حزم ما تمكنه من الأمتعة مع أسرته المكونة من سبعة أفراد.

استأجر شاحنة صغيرة بمبلغ 2000 شيقل لنقل جزء من الأثاث، قبل أن يجد مأوى في محل استأجره بمنطقة نائية داخل النصيرات مقابل 1100 شيقل شهريًا.

ارتفاع أعداد النازحين مقابل محدودية الأماكن والشقق المخصصة للإيجار تسبب في رفع أسعارها، ما شكل تحديًا كبيرًا للأسر؛ فمن استطاع دفع التكاليف استأجر، بينما لجأت أسر أخرى إلى الإقامة عند أقاربها أو نصب خيام في مناطق وسط وجنوب القطاع.

ويعتمد الاحتلال في ممارساته على نهج يتجاوز القتال المباشر، ليأخذ شكل استراتيجية ترمي إلى إرغام الفلسطينيين على النزوح القسري. فعمليات القصف المكثف، واستهداف الأحياء السكنية والبنى التحتية، وحتى المناطق التي يعلن عنها كـ"آمنة"، تترك المدنيين أيضا تحت النار وفي قلب المعاناة.

ويعمق الاحتلال هذه السياسة عبر اجتياحات برية للمناطق المأهولة، وتدمير المنازل أو تفخيخها، بما يجعل العودة إليها لاحقًا شبه مستحيلة. كما أن استهداف المخيمات والمراكز التي تقدم كملاذات للنازحين رسخ شعورًا عامًا لدى السكان بأن النزوح والترحيل ليسا استثناءً، بل مصير محتوم.

في السياق، سمير حجازي، مهندس كيميائي، كان يمتلك شركة صغيرة مرخصة لإنتاج مواد التنظيف، أجبر على عجل على النزوح من منزله وشركته تحت وابل القصف.

يقول حجازي لـ "فلسطين أون لاين": "أخذت ما تمكنت من أخذه وتركت بقية الشركة والمنزل، قدرت حجم الخسائر بعشرات الآلاف من الدولارات".

وحاول الرجل قدر الإمكان تقليل الخسائر المالية من خلال بيع بعض قطع الأثاث لتأمين تكلفة المواصلات إلى المنطقة الجديدة التي لجأ إليها، في خطوة تعكس الواقع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه النازحون.

فاتورة مالية كبيرة

ويؤكد الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر أن النزوح القسري المتكرر، كما يحدث في قطاع غزة، يحمل فاتورة مالية كبيرة على الأسر، تتفاوت بحسب القدرة الاقتصادية لكل أسرة.

بالنسبة للأسر المقتدرة ماليًا، فإنها تستطيع تحمل تكاليف النقل، الإيجار المؤقت، وشراء المواد الأساسية، وإن كان ذلك يمثل ضغطًا كبيرًا على ميزانيتها، لكن الفئات الأضعف من العاطلين عن العمل وأصحاب الدخل المحدود أو المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي تجد نفسها غير قادرة على مواجهة التكاليف الباهظة للنزوح يضيف أبو عامر.

وفي كثير من الحالات، تلجأ هذه الأسر إلى الانتقال من منطقة إلى أخرى مجاورة عبر وسائل بسيطة مثل استئجار الكارو، الدفع اليدوي للنقل، أو السير على الأقدام لمسافات طويلة، ما يعرضهم لمخاطر جسدية بما في ذلك الموت أو التعرض للقصف.

ويؤكد الاقتصادي أن الحرب المستمرة خلال العامين الماضيين أدت إلى خسائر مالية ضخمة للأسر، مع فقدان متواصل للعمل وانعدام المساعدات الكافية. وأضاف أن استمرار النزوح لفترات طويلة يجعل تكاليف المعيشة اليومية أكبر من قدرة الكثيرين على تحملها، ويخلق ضغطًا مزدوجًا اقتصاديًا من جهة ونفسي واجتماعي من جهة أخرى.

في السياق، أفادت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن تكلفة النزوح من مدينة غزة إلى جنوب القطاع تبلغ حوالي 3180 دولارًا أمريكيًا. تشمل هذه التكلفة مصاريف النقل، الإقامة المؤقتة، وتأثيث المأوى، وسط ظروف إنسانية صعبة وغياب مصادر الدخل. تأتي هذه الأرقام في وقت يعاني فيه القطاع من دمار واسع النطاق، حيث تشير التقارير إلى أن 90% من البنية التحتية دُمّرت بعد مرور 700 يوم على الحرب المستمرة.

فلسطين أون لاين