أخبار اليوم - ذرف بعض لاعبي تشيلسي الدموع، بينما أخفى آخرون وجوههم، عندما كان المدرب جوزيه مورينيو يودّع كل فرد منهم على حدة.
مضت 18 عامًا منذ أن انتهت حقبته الأولى في النادي، لكن ذلك "اليوم الحزين" في مقر التدريبات، ظل محفورًا في ذاكرة النجم الإيفواري سالومون كالو.
وقال كالو، الذي ارتدى قميص تشيلسي بين عامي 2006 و2012: "لم نكن نفقد مدربًا فقط، بل كنا نخسر شخصًا عظيمًا، مرشدًا، ومساندًا يقاتل من أجلك.. السبب وراء تسميته بـ'سبيشال وان' هو أنه يؤثر في الناس، ويمنح النادي شيئًا استثنائيًا".
وفي هذا الصدد، أبرزت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن "ليست كل الذكريات عن مورينيو إيجابية، سواء خلال ولايته الثانية في تشيلسي، أو عبر محطاته التدريبية اللاحقة"، لكن بنفيكا يأمل أن يستعيد مدربه الجديد بريقه، على أكبر مسرح كروي، دوري أبطال أوروبا، حين يعود غدا الثلاثاء إلى ستامفورد بريدج.
"أنا هنا"
ولا يبدو أن مورينيو، البالغ 62 عامًا، سيكتفي بمجرد الجلوس مجددًا على مقاعد النخبة الأوروبية، كما كشف صديقه المقرّب جوزيه بيسيرو: "إنه يريد الفوز على تشيلسي ليقول للجميع: أنا هنا".
سيناريو بدا بعيدًا الشهر الماضي، عندما أقيل من تدريب فنربخشه. لكن الفرصة جاءت أسرع مما توقع، من النادي نفسه الذي أطاح بفريقه السابق، في التصفيات المؤهلة لدوري الأبطال.
كان مورينيو في برشلونة رفقة زوجته، عندما تلقى اتصالًا من رئيس بنفيكا، روي كوستا. الأخير قال له بعد إقالة برونو لاجي، عقب السقوط المفاجئ أمام قره باج الأذربيجاني: "هل يستحق الأمر الحديث؟". وجاءت المكالمة وسط ظرف حساس، قبل الانتخابات الرئاسية للنادي الشهر المقبل، ومع ذلك كان مورينيو منفتحًا على الفكرة.
كوستا كشف لاحقًا، في مقابلة مع قناة TVI، أنه توصّل مع المدرب البرتغالي لاتفاق يمتد لعامين، بقيمة نحو 3 ملايين يورو صافية في الموسم الأول، ترتفع إلى 4 ملايين في الموسم التالي، وهو جزء بسيط مما كان يتقاضاه في ذروة مسيرته. ويتضمن العقد بندًا يسمح لأي طرف بفسخه، بعد 10 أيام من نهاية الموسم الجاري.
وبعد 25 عامًا على تجربته القصيرة الأولى مع بنفيكا، التي بدأت برئيس وانتهت بآخر، لم يتردد مورينيو في خوض عاصفة سياسية جديدة في لشبونة. لكن هذه المرة، هو مدرب مختلف عن ذلك الشاب المبتدئ، الذي لم يسبق له قيادة فريق، في عام 2000.
أكثر من مجرد مدرب
جوزيه مورايش، مساعده السابق في تشيلسي وريال مدريد وإنتر ميلان، أوضح: "مورينيو لا يجلب الخبرة والطموح فقط، بل القدرة على تحويل الفريق إلى ما هو أكبر من مجموع أفراده. حين جاء أول مرة لبنفيكا، لم يكن أحد يعرف ما الذي يستطيع فعله، لكنه أشعل شرارة".
على مدار مسيرته، حصد مورينيو 26 لقبًا كبيرًا مع بورتو، تشيلسي، ريال مدريد، إنتر ميلان، مانشستر يونايتد وروما. لكن آخر تتويج له بالدوري يعود لعقد كامل، كما أنه لم يقد فريقًا في دوري الأبطال، منذ أكثر من خمس سنوات.
شعره أصبح أكثر بياضًا. مورينيو يصف نفسه اليوم بأنه "أكثر إيثارًا" و"أقل أنانية"، وهو ما يثير ابتسامة لدى متابعي مسيرته الطويلة. كما أكد مدرب بنفيكا أنه لم يعد إلى بلاده لخوض "حرب"، حيث بادر بالاتصال برئيس بورتو، أندريه فيلاش بواش، زميله السابق، وكذلك برئيس سبورتنج لشبونة، فريدريكو فارانداس.
اشتباكات مبكرة
لكن في أسبوعه الأول مع بنفيكا، لم يتردد في مهاجمة تقنية الفيديو. كما تحدث مباشرةً مع الحكم سيرجيو جويلهو بين الشوطين، ليسأله عن سبب عدم إنذار حارس ريو آفي، تشيزاري ميشتا، لإضاعته الوقت خلال التعادل 1-1.
ولم يتوانَ مورينيو أيضًا عن انتقاد لاعبيه علنًا، معتبرًا أنهم كانوا "سذجًا" بعد استقبال هدف تعادل متأخر. إنه مشهد مألوف لمن يعرفه.
سالومون كالو، الذي انضم لتشيلسي بعمر العشرين، اكتشف سريعًا صراحة مدربه الجديد: "ما أحببته فيه أكثر من أي شيء هو صدقه. لم يكن يُجمّل الحقيقة أبدًا. كلاعب، احترمت ذلك".
حتى بعد رحيله، بقي أسلوبه الحاد حاضرًا. ففي عام 2010، وبعد أن هز كالو شباك إنتر ميلان، طرق مورينيو باب حافلة تشيلسي، وقال له: "حين كنت معي لم تسجل مثل هذا الهدف، انتبه!".
كرة القدم تغيّرت، لكن مورينيو أوضح للاعبي بنفيكا أنه سيكون "مباشرًا جدًا"، واعدًا بأنه سيقول لهم "الكثير من الأشياء الجيدة" وأيضًا "الكثير من الأشياء السيئة".
رحلة درامية
القدر وضع مورينيو سريعًا أمام رحلة إلى ستامفورد بريدج مع بنفيكا. والتاريخ يقول إن مبارياته ضد البلوز لا تخلو من الإثارة. كما درب توتنهام عام 2019، رغم تأكيده سابقًا أنه لا يستطيع القيام بذلك "لأنه يحب جماهير تشيلسي كثيرًا". لذلك، ليس غريبًا ألا توجد صورة لمورينيو على جدار أساطير النادي، خارج ستامفورد بريدج، وأن معطفه الأنيق لم يعد بارزًا في متحف تشيلسي كما كان.
وتختلف هذه المواجهة عن سابقاتها، فهو لا يقود منافسًا محليًا هذه المرة. ومع ذلك، أوضح مورينيو أنه سيضع "المشاعر جانبًا"، وهو أمر مألوف لمن يعرفه.