أخبار اليوم – صفوت الحنيني
قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن حجم الاستثمارات الكبرى المطروحة في كلٍّ من العراق وسوريا، والتي تصل قيمتها إلى عشرات مليارات الدولارات، تجعل المنافسة فيها تميل لصالح السعودية والدول الخليجية وتركيا وبعض الشركات الأوروبية والأمريكية، التي تمتلك قدرات تمويلية ضخمة، مما يقلل من فرص الأردن في الدخول في هذه المشاريع الاستثمارية العملاقة.
وأوضح أن ما يتبقى أمام الأردن هو التركيز على المشاريع المتوسطة والصغيرة، حيث يمتلك القدرة والمرونة في بعض القطاعات، في حين أن بعض الاستثمارات المعقدة تتطلب إمكانيات مالية وفنية قد لا تكون متوفرة بالكامل.
وأشار عايش إلى أن من يفوز بفرص استثمارية كبيرة يحظى تلقائيًا بنفوذ اقتصادي وتجاري أوسع، سواء في مجالات التبادل التجاري أو التصدير أو الشراكات الاقتصادية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على حجم التعاون الاقتصادي بين الدول. وأضاف أن حجم الاقتصاد الأردني مقارنة باقتصادات الدول المجاورة، بما في ذلك العراق وسوريا، يجعل تأثيره النسبي محدودًا رغم العلاقات التاريخية القوية.
وبيّن أن الأردن أقام علاقات اقتصادية مهمة مع سوريا والعراق، من خلال المنطقة الحرة المشتركة والاتفاقيات التكاملية والنفط العراقي الواصل إلى المملكة، إضافة إلى ميزات تفضيلية في الصادرات الأردنية، لكن حجم التأثير في السوقين ما زال محدودًا بسبب عوامل إقليمية.
وأشار إلى أن إيران وتركيا تتحكمان في مفاصل رئيسية من السوق العراقي، إذ يتجاوز حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا نحو 15 إلى 20 مليار دولار، بينما يبلغ مع إيران بين 12 و15 مليار دولار أو أكثر في بعض التقديرات. وهذه السيطرة تجعل من الصعب على الأردن تحقيق اختراق واسع في السوق العراقي، رغم وجود مصالح استراتيجية متبادلة.
وأضاف عايش أن مشروع أنبوب النفط من البصرة إلى العقبة مثال واضح على تعقيدات المشهد الاقتصادي والسياسي، إذ يجري الحديث عنه منذ أكثر من 40 عامًا دون تنفيذ فعلي رغم أهميته الاستراتيجية للعراق في تجاوز مخاطر مضيق هرمز والعلاقات النفطية غير المستقرة مع تركيا.
وفيما يتعلق بسوريا، أشار عايش إلى أن دمشق تسعى اليوم إلى إعادة بناء علاقاتها مع الدول الخليجية، وتركيا، والولايات المتحدة، والدول الأوروبية، في إطار جهودها للعودة إلى المشهد الاقتصادي الإقليمي. ومع ذلك، ارتفعت الصادرات الأردنية إلى سوريا بأكثر من 400%، لكنها ما زالت أقل من المستوى المفترض.
وختم عايش حديثه بالتأكيد على أن على الأردن أن يعزز ميزته التنافسية ويقدّم نفسه كشريك اقتصادي عملي، مستفيدًا من موقعه الجغرافي ومهارته في إدارة العمليات اللوجستية والتجارية مع الجوار، وأن يتعامل مع ملفي العراق وسوريا من زاوية المصالح الاقتصادية لا الشعارات الأخوية، قائلاً:
"الدول تُبنى على المصالح، وعلى الأردن أن يطوّر مصالحه مع جيرانه بما يحقق المنافع المتبادلة، ويرسّخ حضوره في الأسواق الإقليمية."