أخبار اليوم - يتصاعد الجدل في الشارع الأردني حول مقترح نيابي يهدف إلى تخفيض قيمة مخالفات السير بنسبة 50%، في وقت يعيش فيه المواطنون ضغوطًا اقتصادية واضحة، وتزداد فيه المطالبات بتدخل حكومي يوازن بين السلامة المرورية والعدالة المالية.
المقترح الذي طُرح مؤخرًا داخل مجلس النواب لم يمرّ بهدوء، بل أثار موجة واسعة من ردود الفعل، تراوحت بين من يرى فيه خطوة مستحقة تُنصف المواطنين ممن تراكمت عليهم الغرامات وأصبحت عائقًا أمام الترخيص، وبين من يعتبره حلًا “تجميليًا مؤقتًا” لا يمس أصل المشكلة، ولا يعالج طريقة فرض الغرامات أو آلية احتسابها أو غياب المرونة في السداد.
على صفحات النقاش العام، بدا واضحًا أن القضية أعمق من مجرد خصم مالي. بعض المواطنين تساءلوا بصراحة: “كيف يُخفَّض على فئة من الناس بينما آخرون لا يملكون سيارات أصلًا؟ أين العدالة؟” فيما طرح آخرون اقتراحًا بربط الترخيص بالتقسيط السنوي أو تمديده إلى سنتين، ليكون النظام أكثر واقعية مع الظروف الاقتصادية التي يعيشها الأردن.
وهناك من ذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن ما يريده الشارع ليس خصمًا، بل عفوًا عامًا يشمل المخالفات المتراكمة، تماما كما طرحت أصوات عديدة: “إذا كان الهدف تخفيف العبء، فالنتيجة الحقيقية تكون حين يبدأ المواطن من جديد بلا قيود مالية تعرقل حياته.”
في مقابل هذه الآراء، يبرز رأي آخر يرى أن المشكلة ليست في قيمة المخالفة بقدر ما هي في فلسفة تطبيقها. أصحاب هذا الاتجاه يجادلون بأن نظام المخالفات يجب أن يهدف أولًا إلى الردع وتقليل الحوادث، وليس إلى الجباية، كما يقول البعض بوضوح: “الكاميرات اليوم موجودة للتحصيل لا للحماية، والحوادث لم تقل رغم ارتفاع قيمة الغرامات.”
في خضم كل ذلك، يطل سؤال آخر لا يقل أهمية: هل تستطيع الحكومة الذهاب نحو تخفيض أو إعفاء في وقت تتعامل فيه مع عجز مالي كبير والتزامات متصاعدة؟ أم أن الاستجابة للمطلب الشعبي باتت ضرورة لخفض التوتر واستعادة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة؟
القضية ليست بسيطة، ولا تُختصر بقرار سريع. فهي ترتبط بثقافة الالتزام بالقانون، وبقدرة الحكومة على إحداث توازن بين السلامة المرورية والعدالة الاجتماعية، وبين تحسين الإيرادات وحماية المواطنين من عبء يفوق قدرتهم.
وفي النهاية، يبقى السؤال معلقًا فوق المشهد السياسي والاقتصادي:
هل تتجه الحكومة نحو حل يُرضي الجميع، أم سيبقى الملف مفتوحًا ويستمر المواطن بين كاميرا الطريق ومكتوب المخالفة؟