أخبار اليوم - شكك نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق، في التزام رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بمبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة.
وقال في كلمته خلال صالون ماسبيرو الثقافي الذي أذيع عبر شاشة التلفزيون الرسمي مساء أمس السبت، إن مبادرة ترامب تحتوي على نحو عشرين نقطة، معتبرا أنها مبادرة كتبت بقلم رصاص.
وأكد فهمي أن البعد الإنساني للأحداث من قتل وتجويع وتهجير يستلزم “التعامل الإنساني” وعدم تجاهله عند بحث أي مبادرة أو حلول سياسية، مشددا على أن ذلك لا يعني القبول بأي مقايضات قد تؤدي إلى التفريط في القضية الفلسطينية كلها أو التخلي عن الحقوق الوطنية.
وقال إن المعالجة السياسية للمبادرة يجب أن تراعي ألا تتحول الأزمة الحالية إلى مبرر لفرض حلول تقوض مصلحة الفلسطينيين.
وأضاف فهمي، أنه لا يمكن الاعتداد التام بالتزامات الخصم، مشددا على ضرورة التحقق من أن بنود أي اتفاق مفهومة ومضمونة، لافتا إلى شكوكه في التزام رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته بهذه البنود على المدى النهائي.
وشدد فهمي على أن النظام الدولي الراهن أصبح مضطربا ومختلا، ولا يعكس واقع موازين القوى في العالم، مبينا أن البنية السياسية التي تأسس عليها النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد صالحة للتعامل مع التحديات الجديدة، وأن المؤسسات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن، لم تعد قادرة على أداء دورها.
وتابع: “النظام الدولي الحالي يقوم على صفقة سياسية أبرمت عام 1945 بين المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، لكن هذه الصفقة انهارت بانتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي، والتوازن الذي كان يمنع الصدام بين القوى الكبرى زال، فاختلت المعادلة السياسية والمؤسسات المرتبطة بها”.
وأكد أن مجلس الأمن فقد فعاليته تمامًا، ولم يتمكن خلال السنوات الثلاث الماضية من اتخاذ قرار إيجابي واحد، حتى في القضايا الإنسانية الملحّة مثل وقف إطلاق النار في غزة، بسبب التباين الحاد بين مواقف الولايات المتحدة وروسيا والصين، معتبرًا أن هذا العجز دليل على أزمة حقيقية في النظام الدولي.
وبيّن فهمي أن القوى الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لم تعد تمثل موازين القوة الراهنة، قائلاً: “ثلاث فقط من هذه الدول ما زالت مؤثرة، بينما لم تعد بريطانيا وفرنسا من القوى الخمس الأهم في العالم، وهو ما يستدعي مراجعة شاملة لتركيبة النظام الدولي”.
ولفت إلى أن السنوات الأخيرة شهدت انتهاكا صارخا للقانون الدولي من القوى الكبرى نفسها، واستخداما مفرطا للقوة العسكرية على حساب الدبلوماسية، محذرا من تسارع سباق التسلح بين القوى العالمية، في ظل إعلان الصين والولايات المتحدة عن تطوير أسلحة جديدة وبرامج نووية متقدمة.
وشدد على ضرورة أن يكون للعالم العربي موقف فاعل واستباقي في مواجهة التحولات الدولية والإقليمية، بدلا من الاكتفاء برد الفعل، مشددا على أن المرحلة الراهنة تتطلب “استراتيجية عربية موحدة تعيد التوازن إلى المنطقة وتواجه المخاطر العالمية المقبلة”، محذرا من محاولة تغيير هوية الشرق الأوسط من منطقة ذات أساس عربي إلى منطقة يكون فيها العرب مجرد مكون من بين آخرين.