أخبار اليوم - مع استمرار أزمة الوقود الخانقة التي يعيشها قطاع غزة منذ اندلاع الحرب المستمرة منذ ما يقارب العامين، لم يستسلم بائع الفلافل إياد حمادة لضيق الحال، بل قرر أن يحوّل الحاجة إلى ابتكار.
فقد تمكن، بإمكاناته البسيطة، من تصنيع جهازٍ يوفر له النار اللازمة لطهي أقراص الفلافل، مستخدمًا مزيجًا من زيت الطهي المستعمل والسولار المحلي أو المستورد.
تقوم فكرته على تمرير الخليط عبر أنبوبٍ أسطواني رفيع يصل إلى جهازٍ مزوّد بمجفف شعر (استشوار) يعمل ببطارية كهربائية، ليضخ الزيت إلى نقطة الاشتعال بأمان وكفاءة.
هذا الابتكار البسيط مكّنه من تجاوز أزمة نقص غاز الطهي والحطب، ووفّر له وسيلة أكثر أمانًا واستقرارًا لإعالة أسرته.
بلغت تكلفة الجهاز نحو 600 شيكل فقط، مشيرًا إلى أن هذه المهنة ليست عمله الأساسي، إذ كان يعمل سابقًا في مجال البلاط قبل أن يتوقف قسرًا بسبب الحرب.
ويعيل حمادة اثنين من إخوته وأسرته، إضافةً إلى أبناء شقيقه الشهيد، مما يتحصل عليه من ربحه اليومي البسيط.
ويُشار إلى أن السولار المنتج محليًا هو وقود يُستخرج بطرق بدائية من حرق المواد البلاستيكية داخل أفران غير نظامية، حيث يتم تسخين البلاستيك وتكثيف الأبخرة الناتجة عنه لإنتاج مادة شبيهة بالسولار.
ورغم الخطورة البيئية لهذه العملية وتأثيرها السلبي على الهواء والتربة، فإن كثيرين من سكان غزة يلجأون إليها لتأمين احتياجاتهم في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد وغياب الوقود النظامي منذ سنوات.
ولم تتوقف روح الإبداع عند حمادة وحده؛ إذ استلهم آخرون فكرته.
فقد قام المواطن فايز أبو طعيمة بتصميم فرنٍ دائريٍ لإنتاج الخبز يتّسع لما بين 20 إلى 30 رغيفًا في المرة الواحدة. يعتمد الفرن على النظام نفسه تقريبًا، باستخدام الحطب أو مزيج الزيت والسولار لتوليد النار، ما جعل تكلفته أقل بكثير من الأفران التي تعمل بالغاز التقليدي.
يقول أبو طعيمة إن الفرن مزوّد بأسطوانة دائرية داخلية تُحافظ على حرارة متوازنة لطهي الخبز والمخبوزات بطريقة أكثر إتقانًا وأمانًا.
وأضاف أن تكلفة إنتاج الفرن بلغت نحو 7000 شيكل، واستغرق العمل عليه أكثر من أسبوع، لكنه يرى فيه وسيلة تساعده على تأمين لقمة العيش لأسرته في ظل الظروف القاسية.
ويعلّق الخبير الاقتصادي د. ماهر الطبّاع على هذه الابتكارات بالقول: "ما يقوم به المواطنون في غزة من حلولٍ بديلة يعكس قدرة المجتمع على التكيّف وتجاوز الأزمات، فالإبداع في مثل هذه الظروف الصعبة ليس ترفًا، بل ضرورة للحياة والبقاء."
ويضيف الطبّاع: "تلك النماذج تجسّد ما نسميه في الاقتصاد الابتكار تحت الضغط، وهو سلوك نابع من الإصرار على الصمود ومواجهة القيود المفروضة على الحياة اليومية."
ويؤكد الطبّاع أن استمرار الحصار ونقص الموارد يدفع الناس إلى البحث عن بدائل محلية، سواء في مجال الطاقة أو الغذاء أو المواصلات، مشيرًا إلى أن هذه الابتكارات الصغيرة تشكّل نواة اقتصاد مقاوم يعتمد على الذات.
فلسطين أون لاين