إلى أين يقود توماس فرانك مشروع توتنهام؟

mainThumb
إلى أين يقود توماس فرانك مشروع توتنهام؟

26-11-2025 03:58 PM

printIcon

أخبار اليوم - يجد توماس فرانك نفسه مطالباً باتخاذ خطوات جذرية، لإعادة موسم توتنهام هوتسبير إلى مساره الصحيح، بعدما عمَّقت الخسارة المؤلمة أمام آرسنال بنتيجة 4-1 في ديربي شمال لندن أزمة الفريق، وأثارت مزيداً من التساؤلات. فالفريق جمع نقطة واحدة فقط من مبارياته الثلاث الأخيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز ضد تشيلسي ومانشستر يونايتد وآرسنال، وجميع هذه المباريات كشفت هشاشة الأداء الهجومي بصورة مقلقة، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

فأمام مانشستر يونايتد، بقي الفريق عاجزاً هجومياً طيلة 83 دقيقة، قبل أن يمنح الهدف المُنحرف من ماثيس تيل بصيص أمل في نهاية مثيرة انتهت بالتعادل 2-2. وكانت الخسارتان أمام تشيلسي (0.10 إكس جي) وآرسنال (0.07 إكس جي) بمنزلة السجل الأدنى لأي فريق في الدوري هذا الموسم على مستوى «الأهداف المتوقعة»، ما يعكس حجم العقم الهجومي.

منذ توليه المهمة قبل 4 أشهر، بدا فرانك متحفظاً أكثر من اللازم في نهجه التكتيكي. ففي مواجهة آرسنال، اعتمد خطة 5-4-1 بهدف تضييق المساحات وإحباط المتصدر، إلا أن هذا النهج جاء على حساب المبادرة الهجومية. فقد ركَّز على زيادة عدد قلوب الدفاع رغم غياب أي مهاجم صريح لآرسنال؛ حيث لعب ميكيل ميرينو كمهاجم وهمي، ولم يستغل توتنهام غياب أبرز لاعبي آرسنال، مثل فيكتور غيكرش ومارتن أوديغارد وغابرييل.

وتراجع توتنهام إلى المركز التاسع في جدول الترتيب، بعد انتصار واحد فقط في آخر 5 مباريات. ويصبح الفوز على فولهام وبرنتفورد في الجولتين القادمتين على أرضه ضرورة ملحَّة لاستعادة التوازن؛ خصوصاً مع تنامي التوتر في علاقة فرانك بالجماهير، الأمر الذي يتطلب انتصاراً يعيد الثقة.

أحد أهم الملفات أمام فرانك يتمثل في تحديد المهاجم الأساسي خلال الفترة المقبلة، مع غياب دومينيك سولانكي أغلى صفقة في تاريخ النادي منذ أغسطس (آب) بسبب إصابة الكاحل. وتقف أمام المدرب 3 خيارات: راندال كولو مواني، وماثيس تيل، وريتشارليسون.

كولو مواني الذي انضم في اليوم الأخير من سوق الانتقالات الصيفية في الأول من سبتمبر (أيلول) قادماً من باريس سان جيرمان على سبيل الإعارة، يدخل مواجهة فريقه السابق ولديه الكثير لإثباته. وهو ليس اللاعب الوحيد الذي يحمل ذكريات مع النادي الباريسي؛ فزميلاه تشافي سيمونس وويلسون أودوبير مرَّا أيضاً عبر أكاديمية باريس سان جيرمان. وقد جاء انتقال كولو مواني إلى توتنهام بعد فترة تراجع دوره في باريس خلال موسم 2024- 2025، رغم تعاقد النادي معه مقابل 90 مليون يورو.

ورغم وجود منطق يدفع نحو منح الفرصة لريتشارليسون وتيل لارتباطهما بعقود طويلة الأمد مع النادي، فإن الوضع أكثر تعقيداً.

أحد أسباب تعاقد توتنهام مع فرانك هو سجله المميز في تطوير المواهب خلال حقبته مع برنتفورد؛ حيث اعتمد نموذجاً يقوم على استقطاب لاعبين شباب ذوي قيمة منخفضة نسبياً، ثم تطويرهم وبيعهم بمبالغ ضخمة لاحقاً. ويبرز مثال براين مبويومو الذي اشتراه برنتفورد مقابل 5 ملايين جنيه إسترليني في 2019، قبل أن يبيعه في الصيف الماضي إلى مانشستر يونايتد مقابل 71 مليوناً.

ولكن هذا النموذج يصبح أصعب في نادٍ مثل توتنهام الذي يُطالَب بالمنافسة على البطولات؛ لا الاستثمار في مستقبل اللاعبين فقط. ومع ذلك، يبقى على فرانك إيجاد توازن بين إشراك المواهب الواعدة مثل تيل ولوكاس بيرغفال وآرتشي غراي، وبين تقديم أفضل تشكيلة ممكنة لتحقيق الانتصارات.

يبلغ كولو مواني 27 عاماً الأسبوع المقبل، وقد تنقَّل بين 4 أندية خلال السنوات الثلاث الماضية. تألق مع آينتراخت فرانكفورت بتسجيله 16 هدفاً في «البوندسليغا»، ما دفع باريس سان جيرمان لضمه، ولكنه لم يحجز مكاناً أساسياً تحت قيادة لويس إنريكي الذي فضَّل غونزالو راموس أو عثمان ديمبيلي في مركز المهاجم الصريح.

وأُعير اللاعب في النصف الثاني من الموسم الماضي إلى يوفنتوس؛ حيث سجَّل 8 أهداف في 16 مباراة، ولكن النادي الإيطالي لم يفعِّل خيار الشراء، واتجه للتعاقد مع لويس أوبيندا وجوناثان ديفيد.

ومع وجود منافسة شرسة على مركز المهاجم في منتخب فرنسا تحت قيادة ديديه ديشان، يدرك كولو مواني أن مشاركاته مع توتنهام ستحدد مستقبله الدولي؛ خصوصاً بعد غيابه عن آخر مباراتين في تصفيات كأس العالم، بسبب إصابة في الفك، إثر اصطدام مع هاري ماغواير.

أما ريتشارليسون، فهو حالة مختلفة؛ إنه لاعب يسجل أهدافاً مذهلة؛ لكنه لا يعد هدافاً ثابتاً. هدفاه الأخيران: مقصِّية أمام بيرنلي، وتسديدة بعيدة أمام آرسنال تذكِّر بجودته الفردية، ولكنه لا يقدم الفاعلية المطلوبة في منظومة فرانك.

وعلى الرغم من أن فرانك اشتهر بتحسين أداء المهاجمين الذين درَّبهم سابقاً، فإن الأنماط التي تميز لاعبين مثل أولي واتكينز وإيفان توني ويوان فيسا لا تنطبق على ريتشارليسون الذي يحتاج لزيادة قدرته على ربط اللعب وتحسين التحرك من دون كرة.

بدأ كولو مواني آخر 3 مباريات قبل فترة التوقف الدولي، ما يشير إلى أنه الخيار المفضل لدى فرانك، رغم عدم تسجيله حتى الآن في 9 مباريات.

واللافت أنَّه لعب 215 دقيقة فقط في الدوري، ثالث أقل لاعب مشاركة بعد غراي وسولانكي، ما يقلل من فرصه لصنع تأثير حقيقي.

وقال فرانك قبل مواجهة باريس سان جيرمان: «بالتأكيد يريد أن يُظهر أفضل ما لديه. كان سعيداً بالانضمام إلينا، ونحن أيضاً سعداء بوجوده. الإصابات عطَّلت بدايته، ولكنني مقتنع بأننا سنرى منه المزيد».

ويمتاز كولو مواني -وفق فرانك- بالربط بين الخطوط، والقدرة على التحرك خلف الدفاع والمواجهات الفردية، وهي صفات تمنحه أفضلية على منافسيه في الخط الأمامي.

وقدَّم اللاعب أداءً مميزاً في الفوز 4-0 على كوبنهاغن في دوري الأبطال؛ حيث شكَّل خطورة مستمرة، وتحسن انسجامه مع أودوبير وتشافي سيمونس، رغم إضاعته فرصتين محققتين قبل أن يصنع هدفاً رائعاً.

وقال أودوبير: «نعرف جودة كولو، ووجوده معنا إضافة كبيرة».

ورغم تسجيل ريتشارليسون في مباراتين متتاليتين، يبدو إشراك كولو مواني أمام باريس سان جيرمان خطوة أكثر حكمة لزيادة الحيوية الهجومية؛ إذ يمنح الفريق تنوعاً أكبر في التحركات والخيارات التكتيكية.

ورغم أن وجوده وحده لن يحل مشكلة صناعة الفرص، فإنَّ توظيفه أساسياً قد يكون مفتاح إعادة توتنهام إلى طريق الفاعلية الهجومية.