(أخبار اليوم – عواد الفالح)
قال المحلل والكاتب في الشؤون السياسية والعسكرية صالح الشرّاب العبادي إن الصمت الدولي تجاه ما يجري في غزة لم يعد ناتجًا عن نقص في المعلومات أو ضعف في الصورة، بل تحوّل إلى سياسة مُدارة، حيث جرى التعامل مع غزة كملف يُضبط ولا يُحل، ضمن مقاربة أمنية باردة تخدم بقاء الحرب وتؤجّل المحاسبة داخل إسرائيل، ولا سيما لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو والتيار المتطرف الداعم له.
وأوضح الشرّاب العبادي أن غزة تُستخدم كورقة دائمة لتأجيل الأزمات الداخلية الإسرائيلية، وأن استمرار الحرب يخدم أجندة الهروب إلى الأمام، معتبرًا أن الحصار والجوع والضغط الإنساني أدوات تفاوض تُدار بوعي سياسي، هدفه إبقاء غزة متعبة، لا ميتة ولا حيّة، بما يكفي لمنع نهوضها واستخدامها ذريعة دائمة.
وأشار إلى أن الوساطات الدولية، رغم كثرتها، تحوّلت في كثير من الأحيان إلى إدارة وقت، لا صناعة حلول، حيث عُقدت الاجتماعات والتُقطت الصور، دون أن يتوقف القتل أو يُكسر الحصار أو تُفتح المعابر بضمانات حقيقية، مؤكدًا أن غياب أدوات الضغط والإرادة السياسية حوّل الوسيط إلى شاهد على الجريمة أكثر منه مانعًا لها.
وبيّن أن الولايات المتحدة تسمع غزة لكنها لا تُنصت، وأن أولوياتها تنحصر في منع توسّع الأزمة وحماية صورة حليفها، بينما لم تعد صور الأطفال تصدم الضمير الغربي، لأن الضحية تكررت، ولأن القيم التي يروّج لها الغرب تُطبّق بانتقائية مرتبطة باللون والعرق والمكان.
وأضاف أن جزءًا من الدعم تحوّل إلى مشهد إعلامي، قوافل تُصوَّر وخطابات تُلقى ومؤتمرات تُعقد، فيما الخيام تغرق والأطفال يموتون بلا ضجيج، مؤكدًا أن غزة لم تفشل في إيصال صوتها، لكنها فضحت ازدواجية المعايير وسقوطًا أخلاقيًا واضحًا.
وختم الشرّاب العبادي بالقول إن غزة لم تُهزم عسكريًا، لكنها تُركت وحيدة سياسيًا وأخلاقيًا، وطُعنت بالصمت أكثر مما طُعنت بالسلاح، مشددًا على أن ما جرى لم يكن عجزًا فقط، بل خيارًا في كثير من الأحيان، مؤكدًا أن ميزان العدالة الإلهية لا يخطئ، وأن الله يمهل ولا يهمل، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.