أخبار اليوم - تتملك الحسرة قلب الشابة ناجية النجار، وهي ترى ابنها الرضيع يوسف يذبل أمام عينيها، ضحية للمرض وسوء التغذية اللذين ترافقا ففتكا بجسده النحيل، حتى غدا هامدًا بلا حراك، سوى من نبضات قلب توحي بأنه لا يزال على قيد الحياة. فرحلة الحمل المضنية التي عاشتها ناجية (30 عامًا) مع نقص الغذاء والدواء، والفقر المدقع، والنزوح المتكرر، جعلتها عاجزة عن الحصول على أدنى قدر من الغذاء الصحي خلال تلك الفترة، ما دفع الأطباء إلى التنبؤ بوضع صحي سيئ لجنينها عند ولادته.
ولم يقوَ جسد النجار النحيل على رحلة الحمل الشاقة التي أرهقها فيها كثرة النزوح من منزلها في بني سهيلا إلى أماكن مختلفة، إلى جانب الفقر المدقع الذي تعيشه الأسرة حاليًّا بعد فقدان الزوج مصدر دخله بسبب الحرب. تقول النجار لصحيفة "فلسطين": "كان زوجي قبل الحرب يعمل بالمياومة في مهنة الحدادة، كما كان لدينا منزل، فكنا مستورين.
أما اليوم، فزوجي بلا عمل، ونعيش على ما تبقى من منزلنا الذي دمّره الاحتلال الإسرائيلي". فاجأ المخاض ناجية في الشهر السابع من الحمل، ولم تفلح محاولات الأطباء في إيقافه، فولدت يوسف بعملية قيصرية، وحدث له نقص في الأكسجين أثناء الولادة. تقول: "مكث في الحضانة شهرًا كاملًا، ولم أكن أملك له حتى ملابس.
ثم خرج إلى المنزل، وكنا نخرج يومًا أو يومين، ثم نعود للمشفى أسبوعًا أو أكثر. فأنا غير قادرة على إرضاعه طبيعيًّا بسبب سوء التغذية، وهو لا يتقبل أي نوع من الحليب الصناعي". وتشير إلى أن الأطباء وصفوا له نوعًا من الحليب الصناعي العلاجي ليحصل على تغذية مكثفة، لكن هذا الحليب مفقود من الأسواق بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق على غزة. تقول: "لم أستطع توفير سوى علبة واحدة بسعر 120 شيقلًا من غزة، استدنت أجرة المواصلات وثمن العلبة وأحضرتها له، لكن بعدها لم أجد أي علبة أخرى".
وتضيف: "حتى إن وُجد الحليب، فأنا لا أقدر على شرائه بهذا السعر الباهظ في ظل تعطل زوجي عن العمل. يعلم الله أنني أبيت في المشفى دون طعام أو شراب، خاصة بعد أن نفد الدقيق من منزلي". ويوم الأحد الماضي، انتشرت صورة لناجية وهي تحمل ابنها يوسف بجسده النحيل، فتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي على أنها صورة لطفل من غزة توفي بسبب سوء التغذية. تقول ناجية: "كنت قد وصلت للتو إلى منزلي لأتفقد أبنائي الآخرين، ولم أتحمل الخبر، هرعت إلى المشفى سيرًا على الأقدام، ولم أطمئن إلا بعد أن رأيته على قيد الحياة". ويرقد يوسف الآن على سرير المشفى، يتغذى جسده على المحاليل الوريدية، فيما لا يشهد وزنه أي زيادة؛ إذ لم يتعدَّ الكيلو والنصف رغم بلوغه أربعة أشهر من العمر، ويحذر الأطباء من احتمالية وفاته إذا استمر على هذا الوضع من المعاناة وسوء التغذية.