للعام الثَّاني: لا عيد في غزَّة تحت الحرب والمجاعة

mainThumb
للعام الثَّاني: لا عيد في غزَّة تحت الحرب والمجاعة

03-06-2025 11:00 AM

printIcon

أخبار اليوم - قبل خمسة أيام من عيد الأضحى، ما تزال شوارع غزة غارقة في صمت ثقيل؛ لا تكبيرات تُسمع، ولا أسواق تُزيَّن، ولا روائح كعك العيد أو القهوة تعبق الأجواء.

في عامها الثاني من حرب الإبادة الإسرائيلية والحصار، تعيش غزة عيدًا جديدًا بلا عيد، فلا استعدادات، ولا ملابس جديدة، ولا أضاحي، ولا حتى أبسط مقوّمات الفرح.

"لم نعد نحسب الأيام إلى العيد، بل إلى وجبة الطعام التالية"، تقول أم وسيم رجب (44 عامًا)، نازحة من حي الشجاعية، وهي تحمل طفلها الضعيف من شدة الجوع.

وتتابع رجب: "في مثل هذه الأيام كنّا نجهز الكعك، ونشتري الشوكولاتة، ونحضّر القهوة، والترمس، والفول النابت. اليوم لا نملك حتى الغاز لنخبز شيئًا، ولا سكر لنحليه".

الأسواق... أرواح خالية

في سوق الصحابة شرق مدينة غزة، تبدو البضائع نادرة، والمواد الغذائية شحيحة، وبديهية خلو السوق من الشوكولاتة والكعك، نظرًا لندرة موادهما الأولية وارتفاع أسعارهما الجنوني.

يقف شادي حرز خلف بسطة يضع عليها بضع مواد تموينية كالسُّكر، والزيت، والعدس، وبعض المعلبات، حاله يحكي واقع قطاع غزة في ظل مجاعة تتفاقم.

يقول حرز لصحيفة "فلسطين": "أي عيد هذا الذي سيأتي بعد أيام قليلة؟ لا فرحة لاستقباله، حتى الشوكولاتة لم تدخل منذ شهور، والقهوة إما منتهية الصلاحية أو تُباع في السوق السوداء. لا أحد يسأل عن كعك العيد، الناس تبحث عن عدس أو رز أو أي شيء يسدّ الجوع".

وفي أركان أخرى من السوق، التي كانت تُعرض فيها عادةً ملابس الأطفال وأحذية العيد، لم يبقَ شيء.

"من يشتري لطفله ثوبًا أو حذاء، وهو لا يجد له رغيفًا؟"، يعلّق البائع سامر الزرد، الذي كان له بسطة أحذية في عيد الفطر، لكن هذا العيد لم يجد ما يعرضه؛ فقد نفدت بضاعته، ولم تدخل بضاعة جديدة إلى الأسواق بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر.

أضحى بلا أضاحٍ

واحدة من أكثر العلامات اللافتة هذا العام هي غياب الخراف وأصواتها من الأسواق، والتي كانت دائمًا تُضفي أجواءً خاصة قبيل عيد الأضحى.

يقول يوسف عطا الله، مربي مواشٍ من حي الدرج: "كنّا نبيع العشرات من الخراف قبل العيد بأيام. اليوم لا نملك شيئًا، معظم المواشي نفقت بسبب الجوع، أو اضطررنا لذبحها في وقت سابق. ولا أحد يملك مالًا للشراء".

ويضيف عطا الله لـ"فلسطين": "الحصار الإسرائيلي المشدَّد منذ 18 شهرًا منع دخول المواشي والعلف، ما أدى إلى اختفاء شبه كامل لسوق الأضاحي في قطاع غزة، ما يجعل من هذا العيد، كما العام الماضي، عيدًا بلا ذبح، ولا توزيع، ولا شعيرة أضحية".

كعك العيد مفقود

تحضير كعك العيد الفلسطيني كان أحد أهم طقوس عيد الأضحى في كل بيت، لكنه غاب للسنة الثانية على التوالي.

أم أحمد البهتيني، نازحة من بيت لاهيا شمال القطاع إلى وسط مدينة غزة منذ شهرين، تقول لصحيفة "فلسطين": "كنا نجهز الكعك بالتمر والمكسرات، ونعجنه بأيدينا مع الجيران. الآن نعيش في الشارع بلا مطبخ، ولا غاز، ولا تمر، ولا حتى طحين صالح للخبز".

النساء حاولن إيجاد بدائل بسيطة، لكن دون جدوى، إذ إن معظم المقوّمات مفقودة أو باهظة الثمن، ومعظم العائلات لا تملك قوت يومها.

في العيد، كان الأطفال في غزة يختارون ملابسهم الجديدة، ويزورون الأراجيح. تقول تسنيم صبيح، أم لخمسة أطفال: "سألني ابني ذو التسع سنوات: ماما، متى نذهب لنشتري ملابس العيد؟ كذبت عليه وقلت إننا سنذهب بعد غد، لكنني لا أملك شيئًا... حتى الماء والخبز ننتظره من طوابير الإغاثة".





المصدر / فلسطين أون لاين