لماذا حُفِر بئر بعمق 60 مترًا وعرض متر واحد؟ قضية عيسى تتحول إلى رأي عام في الأردن

mainThumb

13-06-2025 02:30 AM

printIcon



العقبة - أخبار اليوم – متابعة خاصة

لم يعد ما جرى لعيسى الطعمات مجرّد حادثة عمل، بل تحوّل إلى قضية رأي عام تهزّ الشارع الأردني بأكمله. فالشاب الذي سقط داخل بئر ارتوازي في محافظة العقبة، لم يسقط وحده، بل أسقط معه أسئلة ثقيلة ما تزال معلّقة: من سمح بحفر بئر بعمق 60 مترًا، وعرض لا يتجاوز المتر الواحد؟ ولماذا نُفّذ هذا الحفر داخل مجمّع قيد الإنشاء دون رقابة أو إشراف هندسي أو حتى أبسط قواعد السلامة العامة؟

بحسب ما توفر من معلومات أولية، فإن البئر تم حفره لأغراض يقال إنها إنشائية، لكن الشارع الأردني لا يقف عند هذا التبرير، بل يغوص في عمق التساؤلات: هل هناك ترخيص؟ هل تم التحقق من طبيعة التربة؟ وهل عيسى كان يعمل وحده؟ وإن لم يكن كذلك، فأين هم شركاؤه؟ ومن هم المقاولون؟ ومن المالك؟ وهل هناك دور للجهات الرقابية التي لم تتحرك إلا بعد وقوع الحادث؟

الناس لا تصرخ فقط لإنقاذ الشاب، بل لإنقاذ منظومة بأكملها من التراخي والتغاضي. تساؤلاتهم تمضي أبعد من اللحظة الراهنة، وتتجه نحو تحميل المسؤولية، وفتح ملف كامل يُعنى بالحفر العشوائي، وغياب الرقابة، وسقوط الضحايا تحت الأرض دون أن يهتز سطح القانون.

في المقابل، تواصل فرق الدفاع المدني، بكل شجاعة وإصرار، عملها في موقع الحادث، وسط ظروف ميدانية بالغة التعقيد، وتربة رملية هشّة تشكّل تهديدًا مباشرًا لكل محاولة إنقاذ. وقد أثنى المواطنون على ما يُبذل من جهود، معتبرين أن ما يقدّمه النشامى في هذا الميدان يفوق الوصف، وهو محل فخر واعتزاز شعبي.

وفيما تتواصل العمليات الفنية للوصول إلى المفقود، يقترح مختصون ومواطنون الاستعانة بآليات حفر نفطية ذات أذرع عميقة، أو استخدام شاحنات شفط الباطون بطريقة عكسية لسحب الرمل، أو حتى الحفر الجانبي عبر أنابيب إسمنتية لتقليل الانهيارات، وصولًا إلى سيناريوهات إدخال منقذ مزوّد بالأكسجين على طريقة إنقاذ الغطاسين في الآبار العميقة.

لكن كل تلك التفاصيل تبقى تحت سقف السؤال المركزي: من المسؤول؟
من حفر؟ ومن وافق؟ ومن سكت؟
ولماذا نزل عيسى إلى عمق 60 مترًا، دون أن يصعد أحد ليوقف الكارثة؟

قضية لم تعد محلية، ولا تخص العقبة وحدها… بل هي جرس إنذار وطني، يقرع في وجدان كل أردني يرى أن الإنسان أغلى من التراب الذي يُهدر فوق رأسه.