أخبار اليوم - عمّان - صفوت الحنيني - قال الخبير الأمني والاستراتيجي د. بشير الدعجة في حديث خاص لـ"أخبار اليوم" إنّ الحرب الإيرانية – الإسرائيلية فرضت واقعاً أمنياً حساساً على دول الإقليم كافة، ولم تكن الأردن استثناءً، إلا أن الفرق كان في كيفية الاستجابة الأردنية الفورية والممنهجة، والتي عكست قدرة الدولة على تفعيل خطط الطوارئ الوطنية المُحكمة والمدروسة مسبقاً.
وأضاف الدعجة أن الأجهزة الأمنية الأردنية لم تتعامل مع الأحداث كـ"رد فعل"، بل انطلقت في استجابتها من سيناريوهات جرى تدريب الكوادر عليها ومحاكاتها عملياً، ما جعل من لحظة سقوط أول جسم غريب على الأراضي الأردنية بداية لاستنفار أمني شامل امتد إلى كافة المحافظات.
وأوضح أن دائرة المخابرات العامة لعبت دوراً محورياً في الرصد الاستباقي للتهديدات، حيث تمكنت من تحليل وتحريك المعلومات عبر منظومتها الاستخبارية المتقدمة، ومشاركة هذه المعطيات بشكل مباشر مع غرف العمليات المشتركة في القوات المسلحة.
في السياق ذاته، فعّل الأمن العام وحدات الانتشار السريع، وأغلق فوراً المناطق التي سقطت فيها الأجسام الغريبة، بينما تولت دوريات السير تنظيم الحركة المرورية لتجنب أماكن الخطر. كما طبق الدفاع المدني خطط الإخلاء والإسعاف بشكل فوري، ورفعت المستشفيات حالة الطوارئ تحسباً لأي طارئ.
وبيّن الدعجة أن سلاح الهندسة الملكي أدى دوراً بالغ الحساسية، من خلال التعامل المباشر مع بقايا المسيرات ورؤوس الصواريخ غير المنفجرة، كما حدث في منطقة أم أذينة بالعاصمة عمّان، حيث جرى تفكيك رأس متفجر بدقة جراحية عالية.
وأشار إلى أن القوات المسلحة الأردنية رفعت جاهزيتها في كافة مناطق المملكة، وفرضت طوقاً أمنياً مشدداً على المناطق الحدودية، بالتوازي مع تنشيط وحدات الدفاع الجوي وسلاح الجو الملكي، الذين تعاملوا باحتراف مع الأجسام المخترقة للمجال الجوي، وأسقطوا بعضها في عمليات تنسيق متقدمة مع الجهات المعنية.
وتابع الدعجة أن سرعة الاستجابة والتكامل بين الوحدات الأمنية والعسكرية جعلت من كل حادثة يتم التعامل معها في دقائق معدودة، مشدداً على أن الصافرات التي أُطلقت لم تكن لإثارة الذعر، بل كانت جزءاً من منظومة إنذار استباقية تهدف إلى حماية المواطنين بوعي ومسؤولية.
واعتبر الدعجة أن التوجيهات الإعلامية التي صدرت للمواطنين كانت قصيرة، واضحة، ومسؤولة، تجنبت التهويل وأكدت على عدم الاقتراب من الأجسام المشبوهة، وعدم نشر الشائعات أو الفيديوهات التي قد تُستغل لاحقاً.
وختم الدعجة حديثه بالتأكيد أن ثقة المواطن الأردني بالأجهزة الأمنية لم تكن مصطنعة أو إعلامية، بل نابعة من تجربة تراكمية وميدانية، وجهود مؤسسات تعمل بصمت وتظهر وقت الحاجة كجبهة واحدة، هدفها الأول حماية الوطن والمواطن.