عابد : ذوو الإعاقة الذهنيَّة في غزة يواجهون الإهمال والموت البطيء

mainThumb
عابد : ذوو الإعاقة الذهنيَّة في غزة يواجهون الإهمال والموت البطيء

05-07-2025 09:51 AM

printIcon

أخبار اليوم - أكد مدير برنامج التأهيل المجتمعي في جمعية الإغاثة الطبية بقطاع غزة، مصطفى عابد، أن الأطفال والبالغين من ذوي الإعاقة الذهنية يواجهون مأساة إنسانية مركّبة في حرب الإبادة المستمرة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط غياب كامل للخدمات والرعاية المتخصصة.

وأوضح عابد لصحيفة "فلسطين"" أمس، أن العدوان أدى إلى ارتفاع كبير في أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد تم تسجيل أكثر من 30 ألف حالة جديدة، ليرتفع معدل الإعاقة إلى نحو 9% من إجمالي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وأشار إلى أن الإعاقة الذهنية تشكّل ما نسبته بين 12% و14% من إجمالي الإعاقات في القطاع، وتتراوح بين الحالات البسيطة والمتوسطة والشديدة، ما يتطلب تدخلات عاجلة لحماية أصحابها. ولفت إلى أن عدد الأطفال الذين كانوا يعانون من إعاقات ذهنية قبل الحرب قُدّر بحوالي 7,800 طفل، إلا أن هذا العدد شهد ارتفاعًا ملحوظًا بسبب استخدام الأسلحة السامة، وسوء التغذية، وفقر الدم، والنزوح المتكرر.

وقال عابد إن "جميع مراكز الرعاية والتأهيل الخاصة بذوي الإعاقة الذهنية توقفت عن العمل نتيجة القصف والتدمير الكامل أو الجزئي"، مؤكدًا أن "الاحتلال استهدف المؤسسات الصحية والاجتماعية بشكل مباشر، وكأن الهدف هو محو هذه الفئة من الوجود أو تركها تواجه مصيرها وحدها".

وأضاف: "قبل الحرب، كان هناك نحو 500 طفل يتلقّون خدمات في مراكز الرعاية اليومية، أما اليوم فلا يتلقّى أي منهم أي نوع من الدعم. أصبحوا مشتّتين في مراكز الإيواء والخيام أو بين أنقاض منازلهم، بلا طعام أو دواء أو رعاية".

ونوّه عابد إلى أن الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية يعانون من صعوبة في فهم ما يحدث حولهم أثناء القصف والانفجارات، مما يزيد من تدهورهم النفسي، في ظل انقطاع جلسات العلاج السلوكي وعدم توفر الأدوية النفسية والعصبية الأساسية.

وتابع: "نتلقّى يوميًا اتصالات من عائلات فقدت السيطرة على أطفالها بسبب الخوف، أو الجوع، أو توقف العلاج. بعض الأطفال يصرخون لساعات، وبعض الأمهات ينهارْن نفسيًا".

وذكر أن نسبة الذكور بين ذوي الإعاقة الجدد نتيجة الحرب بلغت 40% لمن هم دون 18 عامًا، و60% للبالغين، فيما تمثل الإناث 45% من مجمل ذوي الإعاقة، مقابل 55% للذكور.

وأشار إلى أن نقص الغذاء والدواء وحفاضات الأطفال (البامبرز) يمثل تحديًا كبيرًا للعائلات، ويؤدي إلى سوء تغذية حاد وظهور أمراض جلدية بين الأطفال، قائلًا: "بعض الأسر تُضطر لاستخدام نفس الحفاضة لساعات طويلة بسبب ارتفاع أسعارها الجنوني أو سوء توزيعها".

كما تعاني العائلات من نقص في المياه النظيفة والطعام المهروس اللازم لحالات صعوبة البلع، إلى جانب انقطاع الكهرباء الضرورية لتحضير الوجبات الخاصة.

واتهم عابد الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ سياسة استهداف ممنهجة لمنظومة الدعم الخاصة بذوي الإعاقة، مشيرًا إلى استشهاد أو إصابة عدد من الأخصائيين في مجالات التأهيل والعلاج النفسي، وهجرة آخرين، وتوقّف تمويل العديد من المؤسسات، مما أدى إلى انهيار المنظومة بالكامل.

وقال: "حتى قبل الحرب، كانت الخدمات محدودة. أما اليوم فنحن أمام حالة من الإهمال الكامل وغياب أي خطة طوارئ رسمية لرعاية هذه الفئة، وسط تجاهل دولي تام لحقوقهم الأساسية".

وحذّر عابد من أن غياب الرعاية والعلاج قد يؤدي إلى تدهور خطير في القدرات العقلية والسلوكية لهؤلاء الأطفال، مؤكدًا: "ما يجري هو عملية قتل بطيء لفئة ضعيفة لا تملك صوتًا، لكنها تستحق أن تكون في صلب خطط الإغاثة وإعادة الإعمار".

وشدّد على أن الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية يُعدّون من أكثر الفئات تهميشًا وتعرضًا للخطر في أوقات الأزمات، مطالبًا بتدخّل إنساني عاجل لتوفير الخدمات الأساسية، لا سيّما الرعاية النفسية والاجتماعية، والتعليم المتخصص، والأدوات المساعدة، وبرامج التأهيل والدعم الأسري.

تجدر الإشارة إلى أن المادة (11) من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تنص على وجوب حماية هذه الفئة في حالات النزاع والطوارئ الإنسانية، فيما تؤكد المادة (10) على حقهم في الحياة، وضمان سبل البقاء والكرامة.

وفي ظل صمت دولي وتجاهل رسمي، يواصل الأطفال وذوو الإعاقة الذهنية في غزة معركتهم اليومية من أجل البقاء، بلا حماية ولا رعاية، في وقت هم فيه بأمسّ الحاجة إلى تدخل منقذ يضمن لهم الحياة والكرامة.



المصدر / فلسطين أون لاين