أخبار اليوم – سهم محمد العبادي - في أعقاب انتشار واسع لمنشورات وصور تناولت إرسالية يزعم أنها تابعة لمؤسسة «روابي فرح» وتعرّضت للتفتيش والتخريب على أحد المعابر الجمركية، أجرينا مراجعة دقيقة للوثائق والشهادات المتاحة سعياً لفصل الحقيقة عن التكهنات. لم يعد النقاش مجرد تبادل تغريدات ومنشورات على مواقع التواصل، بل تحول إلى قضية تثير شكوكا حول سير الإجراءات الجمركية وطريقة تعامل السائقين مع الشحنات، وتأثير ذلك على سمعة مؤسسات وطنية ومدى مصداقية المعلومات المتداولة.
في هذه المقدمة الموسعة نعرض السياق العام للحادثة: توقيت انتشار المواد، حجم التفاعل الشعبي، الأدلة الأولية التي استند إليها كثيرون في توجيه الاتهامات، والحاجة الملحّة إلى الاعتماد على وثائق رسمية وشهادات موثوقة قبل الحسم. كما نذكر أن المشهد المصوَّر الذي انتشر سريعاً أضاف طبقة من الدراما بصرياً، ما سهّل تداول الروايات المتضاربة من أطراف مختلفة، ما يستدعي قراءة متأنية لكل وثيقة وكل إفادة قبل إطلاق أحكام نهائية.
في ما يلي التحقيق المفصّل بما توافر لدينا من مستندات وشهادات وتسلسل زمني للأحداث، حتى يتمكن القارئ من الاطلاع الكامل على المعطيات والوصول إلى استنتاجه المستقل.
أودّ أن أضع أمامكم، وبكلّ وضوح وشفافية، القصة كاملة وبالتسلسل الزمني الذي تأكدت منه شخصياً، بعد أن نشرت سابقاً رواية عن تعرض إرساليّة لمؤسسة (روابي فرح) للتفتيش والتخريب على المعابر الجمركية. وما سأعرضه الآن موثق بالأدلّة التي لديّ، وسأتحمّل كامل المسؤولية القانونية عن كلّ ما أقول. أولاً — ما نُشر في البداية: نشرتُ رواية تفيد أن إرساليّة وصلت إلى أحد المعابر تعرضت لتفتيشٍ من الجمارك الأردنية وجهات أخرى تخلّلته أعمال متعمدة من شأنها إتلاف بضائعٍ تحمل علامة “روابي فرح”، وأن هناك من أراد أن يضع عقبة أمام مشروع روابي فرح الوطني. وقد وجد هذا النشر تفاعلاً واسعاً وانتشرت المشاركة على صفحات ووسائط متعددة، وعلّق آلاف الأشخاص، كما تدخل ابن العم ليث الدويكات صاحب العلاقة ليؤكد تعرض بضائعه أيضاً للاتلاف المتعمد في فيديو خاص له عن هذا الأمر. ثانياً — التحقيــق الذي قمت به: بعد الضجّة الكبيرة وورد معلومات مغايرة تماما قررتُ التحقق من الوقائع مباشرةً، واطلعت على مستندات وشهادات متاحة لديّ. وما تبين من تحقيقنا ما يلي بكلِّ دقة: 1. الإرسالية المَعنية لا تتضمّن ما يدلّ على أنها قادمة من مؤسّسة روابي فرح — فالبيان الجمركي وبيانات شركة التخليص لا تحمل اسم “ روابي فرح” أو أي صلة مباشرة بالشركة. إذن الربط بين الإرساليّة و”روابي فرح” الذي تحدثت عنه في البداية كان غير دقيق. 2. البضاعة المدوّنة في الإرساليّة كانت عبارة عن أكياس بلاستيكية فقط مطبوعة عليها اسم “روابي فرح” وقيمتها المعلنة بحسب مصادري تقارب 3000 دولار، ولم تكن تحتوي على منتجات باهظة الثمن أو سلعاً قابلة للتلف الحسي السريع. وكما تحتوي الإرساليّة فرنًا واحدًا فقط لا أكثر. 3. بحسب ما ورد من معلومات فإن وقت تفتيش البضاعة وتسجيل بياناتها لم يستغرق أكثر من 26 دقيقة بالضبط؛ وهذا الزمن لا يدعم فكرة تفتيشٍ مطوّل أو تعمّد إتلاف من قِبل جهات رسمية لفترة ممتدة. 4. ما حصل فعلياً خلال التفتيش، وفقاً للمعلومات التي اطلعت عليها، أنّ سائق الشاحنة فتح إحدى الكراتين، ثم أثناء حمله لها انقلبت بقية الكراتين على الأرض. والمشهد المصوّر الذي انتشر لاحقاً يظهر طريقة فتح الكراتين بشكل فوضوي أشبه بالرمي، وليس تفكيكاً منظماً من قِبل جهة رسمية. وفق ما وصلتني من معلومات، فقد قام السائق بفتح كامل الكراتين بطريقة غير مهنية، والتقاط صور ثم إرسالها إلى مجموعة أشخاص أو إلى صاحب الشأن. 5. أسماء الأشخاص والمؤسسات المدونة على الأكياس تنتمي لأطراف أخرى وليست لمؤسسة روابي فرح، ما يؤكد أن الربط التلقائي بين الإرساليّة و”روابي فرح” كان غير صحيح. ثالثاً — بعد التحقق، أُعلن ما يلي بصراحة تامة: لا يوجد دليل يُثبت أن جهة رسمية تعمّدت إتلاف البضاعة أو تعريضها لسوء. ما جرى في الموقع هو تفتيشٌ سريع على ما يبدو، وتحوّل الحادث إلى صورة مؤسفة بسبب طريقة فتح الكراتين من قبل سائق الشاحنة وتصوير المشهد ومشاركته من قبله. إن العلاقة بين الإرسالية ومؤسسة “روابي فرح” لم تثبت، والبيانات والمستندات المتاحة لي تُثبت أن ثمة أسماء ومؤسسات أخرى مذكورة على الطرود (استطيع الإفصاح عنها). رابعاً — لأنني أؤمن بالبحث عن الحقيقة ونشرها فقط، أقدّم الآن اعتذارًا صريحًا لأيّ جهة أو شخصٍ وقع عليه ضرر بناءً على ما نُشر منّي سابقًا. وأنا على استعداد كامل لأن أقدّم كلّ الوثائق والأدلّة التي اطلعت عليها أمام القضاء أو أي جهة مختصة تطالب بالشفافية. خامساً — أطالب ابن العم ليث الدويكات بمتابعة موقفه القانوني ورفع دعوى ضدّ سائق الشاحنة، الذي أظهرت الأدلة أنه فتح الكراتين بطريقة أدت إلى إتلاف الأكياس البلاستيكية التي كانت داخلها، إن ثبت لديه ضرر مادّي يستدعي ذلك. هذا ما تحقق لديّ وما نشرتُه الآن موثقًا وموضع مسؤولية، وأدعو كلّ من لديه إضافات أو أوراقًا داعمة أن يراجعني أو يتقدّم بما لديه إلى الجهات القضائية. سأظلّ ملتزماً بنشر الحقيقة كاملةً، لا أقلّ ولا أكثر، ومع الاعتذار لكلّ من لحقته أذى بغير وجه حقّ.