أخبار اليوم – سارة الرفاعي - قال رئيس مركز بيت العمال للدراسات المحامي حمادة أبو نجمة إن التقاعد المبكر تحوّل في السنوات الأخيرة إلى أداة تُستخدم على نطاق واسع من قبل بعض الجهات الحكومية للتخلص من أعباء موظفيها، مشيرًا إلى أن النسبة الأكبر من المحالين للتقاعد المبكر هم من القطاع العام وليس من القطاع الخاص.
وبيّن أبو نجمة أن هذا التوجه أسهم في زيادة الأعباء المالية على مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي أصبحت تتحمل التزامات تفوق قدرتها في صرف الرواتب التقاعدية، موضحًا أن معظم حالات الإحالة إلى التقاعد المبكر لا تتم بإرادة العامل نفسه، وإنما بقرار من جهة العمل، سواء في القطاع العام أو الخاص.
وأضاف أن العامل أو الموظف يجد نفسه مضطرًا للمطالبة براتب تقاعدي مبكر بعد إنهاء خدماته، وغالبًا ما يخرج براتب متدنٍّ لا يكفي لتغطية احتياجاته الأساسية، ما يدفعه للبحث عن عمل آخر رغم حصوله على التقاعد، وهو ما يتعارض مع الغاية الأساسية من هذا النوع من التقاعد الذي يُفترض أن يكون مرحلة راحة واستقرار.
وأوضح أن المشكلة لا تكمن في وجود التقاعد المبكر بحد ذاته، بل في إساءة استخدامه، خاصة في القطاع العام خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الإحالات تتم بشكل مفرط وغير مبرر، ما حمّل صناديق الضمان الاجتماعي أعباء مالية كبيرة.
وأكد أبو نجمة أن الحل يكمن في تعديل قانون الضمان الاجتماعي بحيث يتضمن نصوصًا تُلزم الجهات التي تحيل موظفيها إلى التقاعد المبكر بتحمّل جزء من الكلف والخسائر المترتبة على صناديق الضمان، لضمان الحد من التوسع في هذه الممارسات.
وأشار إلى أن مؤسسة الضمان الاجتماعي يمكنها تخفيف أعبائها المالية بوسائل أخرى أكثر فاعلية، مثل ترشيد النفقات الإدارية، وتحسين إدارة أموالها واستثماراتها، وتوسيع قاعدة المؤمن عليهم، خصوصًا في القطاع غير المنظم الذي لا يزال أكثر من 50% من العاملين فيه خارج مظلة الضمان، إضافة إلى أن نسبة العمالة الوافدة المشمولة بالضمان لا تتجاوز 12%.
وختم بالقول إن معالجة هذه الاختلالات تتطلب سياسة شاملة توازن بين استدامة صناديق الضمان وحماية حقوق العاملين، مع ضرورة ضبط استخدام التقاعد المبكر ليبقى استثناءً لا قاعدة.