إيجارات البيوت تتراوح من 200 إلى 400 دينار… والمطالب تتصاعد بوضع سقوف عادلة

mainThumb
إيجارات البيوت تتراوح من 200 إلى 400 دينار… والمطالب تتصاعد بوضع سقوف عادلة

26-10-2025 04:59 PM

printIcon

أخبار اليوم - تصاعدت في الأشهر الأخيرة شكاوى مواطنين من ارتفاع بدلات الإيجار في عمّان ومحافظات أخرى إلى مستويات «تلتهم الراتب»، إذ تتراوح – بحسب ما يروون – بين 250 و300 دينار للشقق المتواضعة، مع اشتراطات مرهِقة تشمل دفعات مقدَّمة لعدة أشهر، وكمبيالات، وتأمينات نقدية، وحتى «أجر مشاهدة» يصل إلى 20 دينارًا، فضلًا عن طلبات تضييق السكن على «عرسان أو عائلة صغيرة» فقط. ويؤكد كثيرون أن مبلغ 250 دينارًا لم يعد «نصف الراتب» كما يُقال، بل «كل الراتب» لدى فئات واسعة تعمل بأجور متواضعة، ما يضع الأسر بين خيارين قاسيين: دفع الإيجار أو تغطية أساسيات المعيشة من ماء وكهرباء وغذاء ومواصلات.

يرى مواطنون أنّ المشكلة لم تعد في «سقف الإيجار» وحده؛ فإلى جانب الارتفاع المطّرد، تتكشف عيوب إنشائية وخدماتية في عدد من الشقق المؤجّرة، بينما يتحمّل المستأجر في حالات كثيرة تكلفة الصيانة، ويجد نفسه مهددًا بالإخلاء إذا طالب بإصلاحٍ أو اعتراض. ويشير آخرون إلى ظاهرة «الوساطة العقارية» التي ترفع السعر على الطرفين معًا، عبر عمولات فورية وشروط تعجيزية عند التوقيع، معتبرين أن غياب تنظيمٍ حازمٍ للسوق خلق بيئة خصبة للاستغلال على حساب ذوي الدخل المحدود.

في المقابل، يدافع مالكون عن أنفسهم بالقول إن الإيجار هو مصدر دخلهم الوحيد، وإن تكلفة البناء والتمويل والضرائب والصيانة و«نِسَب الإشغال» تجعل «عائد 10% سنويًا» مقبولًا لأيّ مستثمر، وأن ترك الشقق فارغة أهون عليهم من الوقوع في نزاعات قضائية مع مستأجرين متخلّفين عن السداد. ويطالب هؤلاء بعقود محكمة، وكفلاء، ودفعات فصلية بدلًا من الشهرية، معتبرين أن «ارتفاع الأسعار والتضخم» واقعٌ لا يصنعه المالك ولا يُلام عليه.

بين الرؤيتين، تتزاحم مقترحات للخروج من الأزمة: دعوات إلى تدخل حكومي يضع سقوفًا عادلة للإيجارات بحسب المناطق والمساحة والحالة الإنشائية، وضبط عمل الوسطاء، وتفعيل نموذج إسكانات للإيجار الميسّر لذوي الدخل المتدني، وربط أي زيادات دورية بمعايير شفافة. في المقابل، يطرح آخرون أن الحل الجذري يبدأ من «الدخل»، عبر مراجعةٍ شاملة للأجور وسياسات العمل، لأن سوق السكن – في النهاية – مرآة لقدرة الناس على الدفع.

خلاصة الأمر أنّ مشهد الإيجارات اليوم يكشف اختلالًا مزدوجًا: دخلٌ لا يواكب كلفة العيش، وسوقُ تأجير بلا قواعد رادعة وواضحة. وبين «كل الراتب» الذي يذهب للسكن، و«حقّ المالك» في عائدٍ معقول، تضيع عائلات بين شروطٍ مُنهِكة وأسعارٍ لا ترحم. والحل لن يكون بشعارات انفعالية، بل بحزمة متوازنة تُنصف المستأجر وتحفظ حقّ المالك، وتُعيد إلى السكن وظيفته الأولى: مأوى كريم لا كابوسًا شهريًّا.