أخبار اليوم - في زمن الحرب على غزة وما رافقها من جرائم "إسرائيلية"، لم تقتصر الخسائر البشرية والمادية على مدن ومحافظات القطاع الساحلي، بل امتدت غربًا لتشمل قطاع الصيد والصيادين الذين يواجهون انتهاكات مستمرة تنفذها بحرية الاحتلال.
في ميناء الصيادين غربي مدينة غزة، الذي تحول إلى قبلة النازحين المدمرة منازلهم؛ تملأ الخيام الرصيف البحري، في حين يسيطر الدمار والخراب على المشهد، ليس بسبب زلزال أو كارثة طبيعية، وإنما بفعل القصف الجوي العنيف، وعمليات التجريف التي رافقت التوغل البري لجيش الاحتلال هناك.
وتحت وطأة هذا الدمار، والاستهداف المتعمد للصيادين خلال الحرب وحتى بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، بعد سنتين من الإبادة، يواجه الصيادون معاناة كبيرة تتجلى عند الإبحار ومحاولتهم البحث عن الأسماك.
في إحدى زوايا الميناء، جلس الصياد جمال الهسي، يحيك الشباك استعدادًا للإبحار وصيد الأسماك. قال بصوت خافت: "بعد قليل سأركب قاربي الصغير وأبحر إلى مناطق قريبة من الشاطئ، لكن لا أعلم إن كنت سأعود سالمًا أم لا."
مخاوف هذا الصياد البالغ (35 عامًا)، ازدادت بعد استهداف بحرية الاحتلال الصيادين في المناطق الشاطئية، واعتقال العديد منهم.
يضيف الهسي لـ "فلسطين أون لاين": "كان لدينا أكثر من 10 قوارب صيد مختلفة الأحجام، لكن جيش الاحتلال دمرها خلال الحرب وأغرقها في عمق مياه البحر، واعتقل من أفراد العائلة صيادين أثناء ممارسة الصيد."
وتابع حديثه: "الحرب أفقدتنا الكثير، وأصبحنا بلا إمكانيات صيد مثلما كان الوضع قبل الحرب. كان لدينا قوارب كبيرة وصغيرة نبحر بواسطتها لأميال في عرض البحر، الآن أصبحنا نبحر بأشباه قوارب في مناطق شاطئية."
"حتى أننا ملاحقون قرب الشاطئ." استكمل الهسي قوله، بنبرة غاضبة.
تشير تقارير محلية إلى أن جيش الاحتلال قتل خلال الحرب أكثر من 220 صياد، واعتقل قرابة 60 آخرين، بينهم ما لا يقل عن 20 بعد وقف إطلاق النار.
وحسبما أفاد الهسي، فإن بحرية الاحتلال اعتقلت في نوفمبر/ تشرين الأول الحالي، 3 أشقاء من عائلة الهسي، أثناء ممارسة الصيد في محيط ميناء الصيادين بغزة، وهي منطقة قريبة من الشاطئ، لكن الزوارق الحربية داهمتهم على حين غرة، واعتقلتهم إلى جهة مجهولة.
من بين الصيادين الذي طالتهم انتهاكات بحرية الاحتلال، صالح أبو ريالة (56 عامًا)، من سكان مخيم الشاطئ، ويعيل أسرة مكونة من 11 فردًا من وراء العمل في قطاع الصيد.
يقول لـ"فلسطين أون لاين": "إن ضريبة العمل في الصيد أصبحت كبيرة جدًا، فقدت اثنين من أبنائي قتلهم جيش الاحتلال بدم بارد عندما كانا يصيدان الأسماك في البحر."
يشير إلى أن زوارق بحرية الاحتلال وخلال حرب الإبادة، استهدفت نجله محمد بقذيفة واحدة على الأقل عندما كان يصيد الأسماك في منطقة قريبة من الشاطئ بمدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، حيث نزحت العائلة إلى تلك المحافظة تحت وطأة الحرب والقصف.
وكان شقيقه إسماعيل استشهد بنيران بحرية الاحتلال سنة 2018 في بحر مدينة غزة أثناء ممارسة الصيد.
وبين أبو ريالة، أنه كان يملك 3 قوارب صيد قبل الحرب. "لم تكن مصدر رزق بالنسبة لعائلتي فقط، بل مصدر دفئ وطمأنينة، لكن بسبب الحرب فقدنا كل شيء، ولم يعد لدينا سوى وسائل بدائية نحاول بواسطتها صيد كميات قليلة من الأسماك."
وأضاف: "الانتهاكات الإسرائيلية دمرت قطاع الصيد، ولا يمكن لهذه الانتهاكات أن تستمر."
ورغم استمرار انتهاكات الاحتلال لوقف إطلاق النار وملاحقة الصيادين، يتطلع هؤلاء إلى إعادة إعمار ما دمره الاحتلال من قوارب وأدوات صيد، وتوفير بدائل تمكنهم من تحصيل قوت عوائهم، ورفع الحصار البحري والبري، والسماح بإدخال المعدات اللازمة للنهوض بقطاع الصيد من جديد.
المصدر / فلسطين أون لاين