كيف ندير الغضب في علاقتنا الزوجية؟

mainThumb

27-01-2023 03:49 PM

printIcon

الغضب من أكثر المشاعر التي يُساء فهمها، وأكثر الأحاسيس التي يكتمها أصحابها. ويعاني أغلب المتزوجين من عدم قدرتهم على التعبير عن الغضب، من دون أن يساء فهمهم. فليس كل صراخ غاضب رغبة في إنهاء العلاقة، وليس على أحد الزوجين دوما أن يبتلع غضبه، حتى لا يلومه الطرف الآخر بفتور محبته تجاهه.

يقول مستشار العلاقات والتواصل بين الأزواج ديريل غولدنبرغ -في مقال له بموقع "سايك آلايف" (PSYCHALIVE)- إن الغضب شكل من أشكال الدفاع عن النفس، وإنّ تحوّل الغضب الطبيعي إلى مشاعر كراهية أو انتقام، أو إيذاء للشخص الآخر، سببه الأول كتمان الغضب في وقته، ومنع انطلاقه في التفاصيل الصغيرة، فيكبُر ويتضخّم، وقد يدفع إلى الانتقام.

تاريخ الغضب وتطوره
تاريخيا، اعتبر الفلاسفة اليونانيون الغضب جنونا مؤقتا، ورأى بعضهم أنه لا طائل منه حتى في الحروب، وأن الغاضب أبدا لا ينتصر. أما أرسطو فعدّ الغضب حيلة من حيل الدفاع عن النفس، ويؤكد أنه يمكن السيطرة على نوباته.

وترى بعض الدراسات النفسية أن إدارة الغضب في العلاقات والقدرة على التنفيس عنه بشكل صحيح ومناسب هو الحل الأمثل للزوجين، والذي يضمن للطرفين بقاء العلاقة قوية ومتينة.


وبحسب غولدنبرغ، ثمة مفهوم جديد للغضب تطوّر مؤخرا في المجتمعات الحديثة، هو ما سماه "الغضب الصحي". ويرتكز هذا المفهوم على تقدير مشاعر الغضب واعتبارها جزءا من دفاع العقل والمشاعر عن نفسها، في مواجهة القلق والتعدي العاطفي وانتهاك الحدود والتطفل.

وعليه، يمكن اعتبار الغضب مفيدا لكونه قوة وليس جريمة، إذ يساعد على نمو الفرد ويحافظ على الاتصال بين الزوجين. لكن لا بد أن نحدد أولا أنماط الغضب.

أنماط الغضب داخل العلاقات الزوجية
كل علاقة تواجه صراعا في مرحلة ما، فتشهد أحيانا تقلبات وتغيرات. وهنا، يمكن تحديد 3 أنماط للغضب:

التجنب والكبت: وفيه يحاول الزوجان تجنب المشكلة وإنكارها، وإبعاد الغضب ومفرداته عن أحاديثهم العاطفية، ويبحثان عن سبل التلطيف بينهما في إطار مودة مصطنعة بينهم. لكن الغضب المكبوت سرعان ما يتسرب مجددا ويجد فتحة يتنفس من خلالها.

العدوان السلبي: غالبا ما يحمل الأشخاص الذين يميلون إلى العدوان السلبي اعتقادا -منذ طفولتهم- بأنهم لا يمكنهم إيذاء مشاعر أحبائهم، ويصبح التحايل على المواجهة بأي ثمن السمة الأساسية للتعبير عن غضبهم. وعلى الرغم من موافقتهم العلنية على أمر ما، فإنهم يتهربون منه بعد ذلك، أو يتحججون بأمور أخرى عوضا عن القيام بما يريده الطرف الآخر.


العدوان القاسي: ويشمل إلقاء اللوم القاسي والتعبير الجامح عن الذات، والتحدي العنيف. وقد يشعر الغاضب بالارتياح بعد إلقاء هذه المشاعر. لكن ماذا عن الطرف الآخر وتلقيه هذا العدوان؟ كيف سيتعامل معه في إطار العلاقة، وما تأثير ذلك على العلاقة بينهما؟

إستراتيجيات لتفادي الغضب
رغم ما قد يُحدثه الغضب، فإنه في أحوال كثيرة يكون بنّاء ومفيدا، وفق مقال نشره موقع الجمعية الأميركية للطب النفسي (APA)، حدّد فيه عددا من الإستراتيجيات لإدارة الغضب:

تجنب كلمات التعميم مثل "أبدا ودائما"، فمع أنك تشعر بهذه العبارات وبحقيقتها، فإنها تجعل الطرف الآخر يشعر كأنه لا يقدم شيئا أبدا، وتنفره من العمل لأجل استعادة قوة العلاقة ووهجها.


استخدم المنطق حتى عندما لا يكون له ما يبرره، فالغضب في أحيانٍ كثيرة يجعلك غير منطقي.


ترجم توقعاتك من الطرف الآخر إلى طلبات محددة، سواء كانت عدالة أو تقديرا أو مشاركة أو اهتماما.


الجأ إلى الاسترخاء، فقد تساعدك إستراتيجيات الاسترخاء والتنفس العميق على استعادة توازنك وتهدئة انفعالاتك وجعل الحوار أقوى والمكاسب أكبر.


حسّن مهاراتك في التواصل، وحاول التوقف عن الغضب وعدم التمادي فيه، واستمع إلى الآخر وجهّز ردا ملائما للموقف بأسلوب ليّن ولطيف.


مارس الرياضة، كونها تساعدك على تقليل التوتر والضغوط العصبية. وكن نشيطا، واستمتع بصباحات تتنفس فيها ماشيا.


ابتعد عن المحفزات، إذا كنت تكره قيادة السيارة في الزحام، استقل وسيلة نقل عامة. إذا كنت تكره الفوضى، أغلق باب غرفة طفلك. إذا كان الصوت العالي يزعجك، رتّب غرفة خاصة بعازل للصوت. وبالتالي، حاول قدر الإمكان تقليل محفّزات الغضب لديك.