خان يونس - أخبار اليوم
في خان يونس، لم تكن الزراعة مجرد مهنة، بل حياة. كانت المدينة، حتى وقت قريب، تُلقب بـ"سلة غذاء قطاع غزة" لما تنتجه من محاصيل وخضراوات ودواجن تغذي الأهالي.
لكن اليوم، تقف خان يونس على أنقاضها فالعدوان العسكري الإسرائيلي المستمر منذ أواخر 2023، حوّل أراضيها الخصبة إلى ساحات مدمّرة، ودفيئاتها إلى ركام، ومزارعيها إلى نازحين قسرا، ولم يتبقَّ من المدينة سوى اسمها، بعدما خرجت بالكامل من المشهد الزراعي، في واحدة من أكبر الضربات التي تلقاها الأمن الغذائي في غزة منذ عقود.
وتشير بيانات الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) حتى يوليو 2025، إلى أن ما لا يقل عن 61.5% من الأراضي الزراعية في خان يونس قد دُمّرت أو أصبحت غير قابلة للزراعة.
المزارع خليل أبو حامد، أحد المتضررين في منطقة عبسان الجديدة، يروي تجربته لصحيفة "فلسطين"، قائلاً: "كنت أزرع الطماطم والباذنجان والكوسا على مساحة 5 دونمات. كانت مصدر رزقي الوحيد. اليوم أنا نازح مع أسرتي في خيمة بمنطقة المواصي. لا بيت ولا أرض، الاحتلال دمّر كل شيء، لم أتمكن حتى من إنقاذ شبكة الري أو المعدات الزراعية".
أما المزارع أبو سليم النجار، فقد خسر مزرعته للدواجن، والتي كانت من أكبر المزارع في منطقة المواصي قائلا لصحيفة "فلسطين": "خسرت أكثر من 15 ألف طائر من الدواجن خلال أسبوعين فقط القصف دمّر الحظائر، وانقطعت الأعلاف والمياه كنا نغطي نصف احتياج غزة من الدواجن، والآن حتى مأوى لعائلتي لم يتبق".
ويبدو أن هذه الشهادات الفردية تعكس واقعًا أوسع وأشد كارثية فبحسب أحدث تقديرات (FAO)، فإن أكثر من 80% من الأراضي الزراعية في غزة تعرضت لأضرار مباشرة، بينما دُمّرت 71.2% من الدفيئات الزراعية، وتوقفت معظم آبار الري (82.8%) عن العمل.
أما في خان يونس تحديدًا، فقد دمّر الاحتلال قرابة 2,600 هكتار من الأراضي المزروعة، فيما فُقدت القدرة على الوصول إلى معظم المساحات الزراعية بفعل الحصار أو الخطر الذي تمثله قوات الاحتلال.
الخبير الزراعي والبيئي، م. نزار الوحيدي، يؤكد أن خان يونس لم تعد تمثل المخزون الزراعي للقطاع كما كانت سابقًا، بل أصبحت نقطة ضعف في منظومة الأمن الغذائي.
ويقول الوحيدي لصحيفة "فلسطين": "الشق الشرقي من المحافظة، الذي كان يضم معظم الدفيئات والزراعات المكشوفة، تعرض لتجريف وتدمير ممنهج أما الشق الغربي فتعطل بفعل النزوح السكاني كذلك تعرضت منطقة المواصي، التي كانت أكبر مركز لتربية الدواجن في غزة، إلى دمار هائل، ما أدّى إلى نقص خطير في البروتين الحيواني".
ويضيف الوحيدي أن تداعيات الدمار، ستؤثر في الأمن الغذائي لأهالي القطاع لأشهر وسنوات مقبلة، محذرًا من أن "الواقع الزراعي في غزة في طريقه للانهيار الكامل، إذا لم تُتخذ خطوات إنقاذ فورية".
وفقًا لبيانات برنامج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، فإن 93% من سكان قطاع غزة يعانون اليوم من انعدام الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة، بينهم 12% في حالة "كارثة غذائية" و44% في حالة "طوارئ" ويُعزى بشكل مباشر إلى تدمير الاحتلال الإنتاج الزراعي والحيواني، وتوقف سلاسل الإمداد.
فلسطين أون لاين