تأثير الأب على تغذية الأطفال قد يفوق دور الأم .. هذه أهم أشكاله

mainThumb

04-06-2023 12:46 AM

printIcon

على الرغم من دورهم المتزايد في تربية الأطفال، ظل اهتمام العلماء بتأثير الآباء في تغذية الأطفال وتقوية أجسامهم، ناقصا بشكل ملحوظ على مدار عقود، ركزت فيها الأبحاث حصريا على "دور الأم" وتأثيرها في صحة وعادات أكل الأطفال.

فقد رصدت مراجعة بحثية نُشرت في عام 2014، أن الدراسات حول تأثير الآباء في عادات طعام الأطفال كانت شحيحة، حيث لم تتجاوز أكثر من 20 دراسة، شملت عينات صغيرة من الآباء المتعلمين جيدا؛ وأشار معظمها إلى نتائج لم يتم التحقق من صحتها، مثل أن الضغط على الأطفال لتناول الطعام، إستراتيجية يتبناها الآباء غالبا، وأنهم أقل ميلا لمراقبة تناول الأطفال للطعام أو الإفراط فيه، مقارنة بالأمهات.

الآباء وسمنة الأطفال
في عام 2014، خلصت دراسة أجرتها الجمعية الأميركية لعلم النفس وشملت أكثر من 2700 طفل؛ إلى أن "الآباء يمكن أن يؤثروا على تغذية أطفالهم، بنفس قدر تأثير الأمهات، وربما أكثر"، بعد أن اتضح للباحثين أن "الفتيات اللواتي يأكل آباؤهن بنهم، كن أكثر عُرضة للإفراط في الأكل".

وفي العام نفسه، أظهرت أبحاث أجريت حول تأثير الآباء على علاقة أطفالهم بالطعام وصورة الجسم، أن الآباء قد يكونون أكثر ميلا من الأمهات، للانخراط في الضغط على الأطفال، لدفعهم إلى تناول أو عدم تناول أطعمة معينة بكميات معينة.

كما توصلت دراسة كندية نُشرت عام 2016، إلى أن الآباء هم أصحاب التأثير الأساسي على تغذية الأطفال الصغار، بشكل أكثر من الأمهات. وكشف تحليل أجراه باحثان في جامعة ييل، أن الآباء المصابين باضطراب الأكل النفسي، يُظهرون مخاوف أكبر بشأن وزن أطفالهم، ومراقبة أكثر لطريقة تغذيتهم.

وهو ما أكدته دراسة أخرى أجرتها جامعة ييل أيضا عام 2018، شملت 658 من الوالدين، وأظهرت أن "الآباء لديهم رفض ضمني وصريح لسمنة الأطفال، وأنهم أكثر استخداما من الأمهات، للعبارات السلبية التي توجه للأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة".

تأثير الآباء قد يكون من دون قصد
تقول جاكلين سيغل، أخصائية علم النفس الاجتماعي في جامعة ولاية سان دييغو، لصحيفة "ذي أتلانتيك" (theatlantic) الأميركية، أن هناك فكرة شائعة خاطئة "مفادها أن الرجال لا يعبؤون باضطرابات الأكل، ولا يهتمون بصورة الجسم".

وضربت مثلا بأب يدفعه شغفه بالزراعة المنزلية الطبيعية، للتحدث بصيغة لا تخلو من المزاح، لكنها أقرب إلى الوعظ، حول الأطعمة الجيدة والسيئة؛ من قبيل "لا تأكلوا تلك البيتزا، لا تتناولوا الكثير من الحلويات؛ هذا سيجعلكم بُدُنا".

بل إن كايل جانسون، اختصاصي اضطرابات الأكل لدى الأولاد والرجال في جامعة تورنتو؛ فجّر للصحيفة مفاجأة بقوله "إن الأب عندما يدفع الطفل نحو تحقيق مستوى معين يتوقعه في الرياضة، لا يدرك أن ذلك قد يؤدي إلى إصابة الطفل باضطراب الأكل".

تأثير الأب يبدأ من سن مبكرة جدا
"إذا اعتبرنا الأمهات حارسات لمرمى تغذية الأطفال، فإن الآباء هم المسؤولون عن ركل الكرة"، هذا هو توصيف الدكتور آدم والش، المحاضر في علم التغذية بجامعة ديكين الأسترالية، للتعبير عن الفارق بين التأثير الغذائي لكل من الأم والأب على الأطفال.

وذلك بعد بحث أجراه في أواخر عام 2017، وأظهر أن الآباء قد لا يُدركون تأثير سلوكياتهم على تغذية الأطفال في بداية تكوينهم؛ "حيث يبدأ الأطفال من سن أقل من 20 شهرا، في تناول الوجبات الخفيفة والأطعمة الجاهزة والمشروبات المُحلاة، مثلما يفعل آباؤهم".

وهو ما سبق أن أشار إليه الباحثون الكنديون بالقول "إن سوء التغذية وعادات الأكل السيئة لدى الأطفال في سن مبكرة، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية طويلة الأمد، مثل مرض السكري والسرطان وأمراض القلب".

وأوضح والش، أن هذه التأثيرات قد تزداد مع تقدم الطفل في السن؛ مضيفا أنه، حتى الآباء الذين لا يطبخون أو يشاركون في تحضير وجبات الطعام، يكون لهم تأثير غير مباشر على تغذية أطفالهم، "لأن الأطفال يعتبرون ما يحبه الأب وما يكرهه، قدوة يجب أن تُحتذى".

أهم أشكال تأثير الآباء على تغذية الأطفال
أظهرت مراجعة منهجية نُشرت عام 2020، أن تأثير الآباء على تغذية الأطفال، يتخذ أشكالا من أهمها:

ارتباط مؤشر كتلة جسم الطفل إيجابيا بمؤشر كتلة جسم الأب؛ في تأكيد لنتائج دراسة نُشرت عام 2015.
تطور نمط أكل الطفل، بتأثير من النمط الغذائي للأب؛ وهو ما سبق أن توصل إليه دكتور والش، وأكده مقال بحثي نُشر عام 2022.
لاحظ الدكتور أليكس ماكينتوش، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تكساس، أن "الوقت الذي يقضيه الآباء في مطاعم الوجبات السريعة، يزيد من احتمال ذهاب الأطفال إليها".
أسلوب تربية الأب قد يؤثر على السلوك الغذائي للطفل، فقد لاحظ ماكينتوش أن "الأطفال الذين يكون آباؤهم أكثر تسلطا، يكونون أكثر عرضة لتناول الوجبات السريعة".
"تناغم دور الأمهات والآباء، يُحقق أفضل سلوك غذائي للطفل"؛ وهو تأييد لما سبق أن أشارت إليه ورقة بحثية لجامعة كامبردج.