هل تسعى "إسرائيل" لفرض استسلام حماس بطريقة ملتوية بعد اغتيالها للسنوار؟

mainThumb
هل تسعى "إسرائيل" لفرض استسلام حماس بطريقة ملتوية بعد اغتيالها للسنوار؟

14-05-2025 01:49 PM

printIcon

أخبار اليوم - تشكّك أوساط في إسرائيل بجدوى “الضغط العسكري” والاغتيالات، بعد عملية قصف بحزام ناري لمحيط المستشفى الأوروبي في خان يونس قيل إن هدفها قائد “حماس” في القطاع محمد السنوار.

يشار إلى أن محمد السنوار بات قائداً عسكرياً لـ “حماس” في غزة بعد استشهاد شقيقه يحيى السنوار، قبل نحو سبعة شهور، وهو مهندس عملية “الوهم المتبدد”، في حزيران 2006، التي أسرت فيها المقاومة الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت، ولاحقاً قادت لصفقة تبادل “وفاء الأحرار” (صفقة شاليت)، عام 2011.

ادعى جيش الاحتلال، في بيانه، أنه اهتم بالتثبّت من عدم وجود محتجزين إسرائيليين في المنطقة المستهدفة، غير مكترث بحياة المدنيين الذين قتلت القنابل العملاقة السبع (كل قنبلة بزنة طن) عشرات منهم وأصابت عشرات، كما حصل في عمليات ومحاولات اغتيال سابقة.

بريك: في ظلّ فشلنا، سيرفع الحوثيون، والإيرانيون، والأتراك، والسوريون، و”حزب الله”، و”حماس”، رؤوسهم بقوة أكبر، وسنجد أنفسنا في حرب استنزاف مدمرة

في روايتها المعلنة قالت إسرائيل إن هدف محاولة اغتيال محمد السنوار هو عدم السماح لـ “حماس” استخدام المستشفيات مقرات لها، وإزالة العقبة الكبيرة أمام صفقة تبادل، كما زعم وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في تصريحات صباح اليوم الأربعاء. وتبنّت وسائلُ إعلام عبرية هذه الرواية المعلنة كما يتجلى في تحليل المحلل الخبير بشؤون الصراع آفي سخاروف في صحيفة “يديعوت أحرونوت” زاعماً أن محمد السنوار هو الشخص الأخطر في غزة، وبحال رحل وغادرنا فإن من المحتمل جداً أن نرى ليونة في موقف “حماس” في الطريق لحل مشكلة المخطوفين”. وبذلك يتجاهل سخاروف وجهات إسرائيلية سياسية وإعلامية حقيقة أن من عطّل ويعطّل الصفقة ومساعي وقف الحرب هم نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وهم يجاهرون بذلك.

الغاية الحقيقية
كما في عمليات اغتيال سابقة في لبنان وغزة تسعى إسرائيل لتحقيق الانتصار بالضربة القاضية، ظانة أن استشهاد قائد التنظيم الجهادي يعني انهياراً معنوياً عسكرياً يضطرها لرفع الراية البيضاء والاستسلام، واليوم تجرّب إسرائيل المجرّب طمعاً بذات المأرب، واستمراراً بحرب الإبادة والانتقام التي تحلم بها حكومة الاحتلال، خاصة رئيسها والوزراء الغيبيون، علّ ذلك يشفع لهم تبقيهم “صورة الانتصار” في التاريخ والحكم.

كذلك، في توقيت هذه المحاولة البشعة التي قتلت أبرياء في محيط المستشفى يبدو أن المأرب ليس تقصير الطريق نحو صفقة تبادل، بل العكس هو صحيح، فمحاولة اغتيال محمد السنوار في اليوم الذي أعلن عن سفر بعثة إسرائيلية (محدودية الصلاحيات) للدوحة لاستئناف المفاوضات يهدف لتشويش هذه المساعي، التي تأتي بضغط أمريكي، ففي حال تبيّن أن محاولة الاغتيال قد نجحت فعلاً ستضرب احتمالات الصفقة لمدة غير قصيرة، لأن ذلك يخلط الأوراق من جديد، وتحتاج “حماس” لترتيب أوراقها، وتأجيل الخوض في مصير الصفقة.

ويرمز كاريكاتير صحيفة “يديعوت أحرونوت” للحقيقة وللغاية غير المعلنة خلف محاولة الاغتيال، المتمثّلة بالطمع في توجيه ضربة قاضية للمقاومة تدفعها للرضوخ والاستسلام، إذ يبدو فيه إسرائيليان في صالون بيتهما، وأمامهما شاشة تلفاز فيها صورة القصف في خان يونس تحت عنوان “الهدف: السنوار”، فيقول الأول للثاني: “انتهت الأفكار، ولذا يجترّون قصصاً وافتراءات”.

وانسجاماً مع هذه الرؤية، يؤكد المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، اليوم، أن مصير السنوار لن يحسم الحرب، لأن العامل الحاسم هو فعل ترامب في الأيام القريبة القادمة، وفي الأساس: لأي مدى سينجح فرض موقفه على نتنياهو.

ويبدي وزير الأمن الداخلي الأسبق عومر بار ليف رؤية أوضح وأكثر شفافية، فيقول، في مقال تنشره صحيفة “هآرتس”، إن إسرائيل لا تستطيع القضاء على “حماس”، مدلّلاً على ذلك بتجارب عسكرية سابقة في لبنان، وفي غزة نفسها.

في مقاله بعنوان “الحكومة تكذب، ولكن ماذا مع زامير؟”، يؤكد بار ليف أن التجارب تدلل أن الضغط العسكري لا يجدي ولا يدفع “حماس” لوقف القتال والاستسلام، فقد خبرنا هذا خلال حرب الجرف الصامد عام 2014، مثلما أن “حماس” لم تستسلم حتى بعد محاولة اغتيال محمد الضيف وقتل زوجته وأولاده عام 2014.

ويضيف: “كما في حرب لبنان الأولى عام 1982 هكذا في غزة.. لا يمكن حسم “حماس” بالقوة العسكرية فحسب، وبذلك إنهاء الحرب. الغيبيّون في الحكومة يريدونها حرب يأجوج ومأجوج، ولكن ماذا مع القائد زامير؟ هل هذا ممكن؟ أين تقديرك المهني. ذات السؤال موجه لقائد الاستخبارات العسكرية”.

الكذبة الأكبر
ويؤكد بار ليف أن الكذبة الحكومية الأكبر هي أن الضغط العسكري يؤدي لاستعادة المحتجزين، لافتاً إلى أن تجربة 584 يوماً من الضغط العسكري تقول للأسف عكس ذلك، ويضيف: “منذ اليوم الأول كان واضحاً أن “حماس” لن تسلّم كل المخطوفين إلا بعد إنهاء الحرب. الضربة التي تلقيناها في السابع من أكتوبر، ومعها الإهانة القومية، لن ننجح بالإخفاء. حان الوقت للتحديق للواقع.. إنهاء الحرب، ومغادرة القطاع، واستعادة كل المخطوفين للبيت في صفقة دفعة واحدة”.

وقبيل محاولة الاغتيال أكد “نبي الغضب الإسرائيلي”، الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، استحالة الانتصار على “حماس”، مستخفاً بشعار الضغط العسكري، محذّراً من مغبة التوغل الواسع في القطاع.

في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” أمس، قال بريك إنه، بعد أن صادق المجلس الوزاري المصغّر (الكابينيت)، وبالإجماع، على خطط توسيع نشاط الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، تبرز، تلقائياً، أسئلة مصيرية تتعلق بالعواقب الكارثية المتوقعة من استمرار الحرب: “قد يُقتل مخطوفونا الأحياء داخل الأنفاق. وسيُقتل العديد من الجنود، وسيتعرض آخرون لإصابات خطِرة، وستستمر مواكب التشييع، مثلما اعتدنا في السنة ونصف السنة الأخيرتين”.

بريك: لن نهزم “حماس” لأن الجيش غير قادر على حسم المعركة. وسنفقد في العالم الذين ما زالوا يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي جيش قوي. وسنخرج من الحرب بشعور من الإهانة والهزيمة

لن نهزم “حماس”
بريك، الذي توقَّعَ “السابع من أكتوبر”، وواصلَ التحذير من عدم قدرة الجيش على تحقيق انتصار يهزم “حماس”، يخلص للقول: “لن نهزم حماس لأن الجيش، في وضعه الحالي، غير قادر على حسم المعركة. وسنفقد في العالم أيضاً الذين ما زالوا يعتقدون أن “الجيش الإسرائيلي” جيشٌ قوي. وسنخرج من الحرب بشعور من الإهانة والهزيمة، “نجرّ أذيال الخيبة”، تماماً مثلما خرج الجيش الأمريكي من فيتنام وأفغانستان، وسنفقد ما تبقى من قوة ردع لدينا. في ظلّ فشلنا، سيرفع الحوثيون، والإيرانيون، والأتراك، والسوريون، وحزب الله، و”حماس”، رؤوسهم بقوة أكبر، وسنجد أنفسنا في حرب استنزاف مدمرة للدولة”.

خطوات تخديرية
والسؤال الكبير، اليوم الأربعاء، تزامناً مع قمة الرياض، هل تدفع السعودية وقطر ومصر وبقية الدول العربية الرئيس ترامب لإنهاء الحرب، وبالتالي تحسين مكانة وهيبة هذه الدول في العالم؟ أم أن ترامب سيعود للبيت الأبيض وبجيبه المليارات، تاركاً العالم العربي دون مكسب حقيقي، ومواصلة تمكين نتنياهو من استمرار، بل تصعيد الحرب المتوحشّة على غزة، وبسلاح أمريكي؟

مع مغادرة ترامب للمنطقة، يوم الجمعة، ربما سيتضح أن “خصومته” المعلنة مع نتنياهو لم تكن سوى خطوات تخديرية لا تخلو من مركّب مسرحي لتسهيل زيارته للمنطقة، في ظل مذبحة مستمرة تقتل الفلسطينيين.