إصابات لا تُشفى .. محمود وزكي نموذج لجراح غزة المفتوحة

mainThumb
إصابات لا تُشفى.. محمود وزكي نموذج لجراح غزة المفتوحة

25-06-2025 10:30 AM

printIcon

أخبار اليوم - لم يكن الشقيقان محمود وزكي العف يتخيلان أن خطواتهما للفرار من الموت، ستقودهما إليه بشكل آخر. ففي حي الدرج شرق مدينة غزة، وبينما كانا في لحظة نزوح محفوفة بالخطر، استهدفت دبابات الاحتلال الإسرائيلي مدنيين فارين بقذائف مباشرة نحو مدرسة قريبة من منزلهم كانت تؤوي نازحين، فأُصيبا بشظايا اخترقت جسديهما، وخلّفت ألمًا لم يغادرهما.

يقول والدهما صالح العف، بصوت يملؤه الأسى لصحيفة "فلسطين": "رأيت أولادي يسقطون أمامي، والدم ينزف منهم، ولم أملك سوى يدي المرتجفتين لإسعافهم، وسط صراخ الجرحى وأنين الشهداء الممددين على الأرض... تقطّع قلبي عليهم." زكي (26 عامًا)، متزوج وأب لثلاثة أطفال، أصيب بشظايا في قدميه تسببت بكسور خطيرة، اضطر الأطباء إلى تثبيت بلاتين داخلي لهما.

لكن نتيجة الضغط الشديد على المستشفيات ونقص الرعاية الطبية، التأمت العظام بطريقة خاطئة، ما جعله غير قادر على المشي، ويعيش بألم دائم. يقول زكي بحسرة: "لم أعد أستطيع تأمين الحليب لطفلي، أو حتى الوقوف على قدميّ. كنت أمارس رياضة رفع الأثقال، واليوم أحتاج لمن يرفعني." أما شقيقه محمود (21 عامًا)، فكانت إصابته أشد قسوة. فقد بُترت ساقه اليسرى من فوق الركبة، بينما بقيت شظايا مغروسة في رأسه، وأخرى قرب الكلى وفي العمود الفقري، مسببة له صداعًا مزمنًا، وزغللة في عينيه، وآلامًا لا تفارقه، خاصة في فصل الشتاء.

يقول محمود: "لا أستطيع النوم من شدة الوجع. كل يوم أستيقظ على ألم جديد... كنت شابًا مفعمًا بالحياة، أرافق زكي إلى النادي وأمارس رياضة رفع الأثقال، واليوم أحتاج لمن يمدّ لي يد العون." نزحت العائلة 11 مرة منذ بداية الحرب، وفي كل مرة كانت المعاناة مضاعفة. لا تملك الأسرة سوى كرسي متحرك واحد، يضطرون لاستخدامه بالتناوب لنقل كل واحد من الشقيقين.

يقول والدهم: "في كل نزوح، نحمل معنا شظايا الألم، وقلب الأم المنكسر. لا دواء، ولا مسكنات، ولا حتى أمل قريب... لكننا نحيا بالدعاء." ينتظر زكي ومحمود بفارغ الصبر فتح المعابر وانتهاء الحرب للسفر واستكمال العلاج. يضيف الوالد: "زكي بحاجة إلى إعادة عملية جراحية في قدميه ليتمكن من المشي، بينما محمود يحتاج إلى عملية دقيقة لإزالة الشظايا من رأسه، وتركيب طرف صناعي، ليعود لحياته ويستعيد استقلاليته." وما زاد من المأساة أن الاحتلال دمّر مشروعهما الصغير الذي كانا يعتاشان منه، ليُحرما من مصدر رزق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالقطاع. اليوم، يعيش الشابان محمود وزكي في ظل إصابتيهما وضعًا نفسيًا بالغ الصعوبة، ومأساةً شخصية عنوانها الفقد والألم. تحولت حياتهما اليومية إلى معركة للبقاء في ظل غياب الرعاية، وانهيار المنظومة الصحية، وتراكم الخسارات.

 

 فلسطين أون لاين