المحامي نزار الشعار العبادي
في زمن السوشال ميديا، أصبح لبعض الأشخاص قدرة عجيبة على تصدير أنفسهم كرموز وطنية ومدافعين شرسين عن قضايا المجتمع. يرفعون شعارات الوطن، يتغنون بالانتماء، ويتصدرون المشهد كأنهم أوصياء على طموحات الناس وأحلام الشباب. لكن الحقيقة أكثر مرارة مما يبدو.
بعض هؤلاء، وهم قلة لكنها مؤذية، لا يملكون من الوطنية إلا قشورها. يتربصون بالأفكار الخلاقة التي يطرحها شباب مبدع ومتحمس، فيسرقونها، يلبسونها ثوبهم، ويستثمرونها في مشاريعهم الخاصة، ثم يرمون أصحابها الأصليين خارج اللعبة. لا شكر، لا تقدير، بل تُقلب الطاولة على الشباب ويتهمونهم زيفًا بالسرقة أو الفشل أو قلة الخبرة.
ما الذي يجري؟ ولماذا يُمنح هؤلاء منصات يحاضرون فيها عن النزاهة والوطنية، بينما هم أول من يخونها في سلوكهم اليومي؟
الخطورة لا تكمن فقط في سرقة فكرة، بل في تحطيم حلم. فكم من شاب فقد ثقته في نفسه، أو في هذا الوطن، لأنه وقع ضحية مشروع كان يعتقد أنه بوابة أمل، فإذا به يتحول إلى أداة استغلال.
الوطن ليس منشورًا على فيسبوك، ولا صورة مع علم الدولة، ولا تصريحًا ناريًا في بث مباشر. الوطن الحقيقي هو أن تحترم أحلام الناس، أن تؤمن بالعدالة في الفرص، وأن تكون صادقًا في التعاون لا انتهازيًا في الاستحواذ.
كفّوا عن سرقة الوطن باسم الوطن. وكفّوا عن دهس أحلام الشباب بطمعكم المقنّع بثوب الوطنية