أخبار اليوم - مع ازدياد الدعوات الأوروبية لمحاسبة "دولة الاحتلال" على عدوانها المستمر ضد قطاع غزة، تبرز مخاوف حقيقية داخل تل أبيب من أن تتحول الضغوط السياسية إلى عقوبات اقتصادية تهدد شراكاتها الحيوية مع الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من أن العقوبات لم تُفرض رسميًا بعد، فإن مجرد التلويح بها يثير قلق المؤسسة الإسرائيلية التي تدرك مدى اعتماد اقتصادها على الأسواق الغربية، لاسيما الأوروبية، في مجالات التجارة، التكنولوجيا، والاستثمار.
خبيران اقتصاديان يوضحان لماذا تخشى حكومة الاحتلال هذه العقوبات، وما التأثيرات المحتملة على بنيتها الاقتصادية وعلاقاتها الاستراتيجية مع أوروبا.
يُرجع د.وليد الجدي، الخبير الاقتصادي، هذا القلق إلى عمق العلاقات التجارية والتكنولوجية التي تربط الاحتلال بالاتحاد الأوروبي، الذي يُعد ثاني أكبر شريك تجاري له بعد الولايات المتحدة.
ويقول الجدي لـ "فلسطين أون لاين": "أكثر من 30% من صادرات الاحتلال تتجه نحو الأسواق الأوروبية، خاصة في قطاعات الأدوية، والتكنولوجيا الزراعية، والتقنيات العسكرية. أي قرار أوروبي يقيد التجارة أو يُعقّد الوصول إلى السوق الموحدة، سيؤثر فورًا على الميزان التجاري الإسرائيلي ويُربك قطاع الشركات الناشئة، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على الاستثمارات الأوروبية".
ويضيف: "الاقتصاد الإسرائيلي مرن، لكنه ليس منيعًا. العقوبات لا تحتاج إلى أن تكون شاملة لتحدث تأثيرًا. فمجرد سحب الامتيازات التفضيلية التي تتمتع بها دولة الاحتلال بموجب اتفاقية الشراكة الأوروبية، أو تقييد الواردات القادمة من مستوطنات الضفة الغربية، كفيل بإحداث حالة من القلق في السوق المحلي، والتأثير على قيمة الشيكل واستقرار الاستثمارات الأجنبية".
من جانبه، يرى د. نائل موسى أن المخاوف الإسرائيلية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تمتد إلى البُعد الاستراتيجي، إذ إن العقوبات الأوروبية قد تفتح الباب أمام تحول جذري في المواقف الغربية تجاه الاحتلال، خاصة مع تصاعد الضغوط الحقوقية بسبب الحرب على غزة.
ويقول موسى لـ"فلسطين أون لاين": "الاتحاد الأوروبي يملك أدوات ضغط هادئة لكنها فعالة، منها تجميد التعاون البحثي والتكنولوجي والعسكري، أو تقييد تصدير مكونات تستخدم في الصناعات الدفاعية. هذه الأدوات تُقلق دولة الاحتلال لأنها تعلم أن أوروبا إن تحركت، فقد تتبعها دول غربية أخرى".
ويضيف: "المعادلة تغيرت. لم يعد الدعم السياسي للاحتلال مضمونًا كما كان في السابق. تصاعد الانتقادات واتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية في أوروبا بدأ يُترجم إلى ضغوط على الحكومات. وهناك دول داخل الاتحاد مثل إيرلندا، إسبانيا، وبلجيكا باتت أكثر جرأة في مواقفها، مما يُشعر صناع القرار في تل أبيب أن العقوبات لم تعد مستحيلة".
ورغم تصاعد الانتقادات الدولية، تحاول دولة الاحتلال تفادي الضغوط الأوروبية المتزايدة عبر تقديم تنازلات إنسانية محدودة، من بينها السماح الجزئي بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، أو الإفراج عن جزء من أموال المقاصة التي تحتجزها منذ أشهر، في محاولة لامتصاص الغضب الدولي وتخفيف حدة الأصوات المطالبة بفرض عقوبات اقتصادية.
لكن الخبراء يرون أن هذه الخطوات تندرج ضمن محاولات تجميل الصورة أمام المجتمع الدولي، دون إحداث تغيير حقيقي في السياسات الميدانية، مما يضع مصداقية الاحتلال على المحك، في ظل استمرار الحرب وتفاقم الكارثة الإنسانية في غزة.
المصدر / فلسطين أون لاين