أخبار اليوم - انطلقت الثلاثاء، برئاسة الأردن أعمال الدورة غير العادية للجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين التي دعت إليها دولة فلسطين، وذلك لمناقشة التصعيد الخطير في قطاع غزة، والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الدينية.
وتأتي هذه الدعوة في ظل الأوضاع الكارثية وحصار التجويع والموت المجاني الذي يتعرض له المدنيون في قطاع غزة، وعلى خلفية استهداف الاحتلال للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المخطط الإسرائيلي غير القانوني لسحب صلاحيات بلدية الخليل في إدارة المسجد الإبراهيمي ومحيطه، وتسليمها لما يسمى "المجلس الديني" للمستوطنات الاستيطانية الإسرائيلية، في محاولة لتغيير الوضع القانوني والتاريخي للمكان وتحويله بالكامل للسيطرة الإسرائيلية.
وتهدف الدورة إلى بحث سبل التحرك العربي السياسي والقانوني والدبلوماسي على المستويين الإقليمي والدولي للتصدي لهذه الانتهاكات غير المسبوقة، وحشد الدعم لتحرك فاعل يضمن وقف العدوان ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.
وتاليا كلمة الأردن في اجتماع الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين:
نجتمع اليوم في ظل تفاقم الانتهاكات والسياسيات التي تمارسها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، الذي تحمّل على مدار سبعة عقودٍ مضت ولا يزال ظلماً واستهدافاً وتجويعاً وحصارا، هي أسلحة حربٍ غير شرعية ونتاج صمتٍ أممي وغياب المحاسبة والمساءلة الدولية.
واليوم تُمعن اسرائيل متماديةً في مخططاتها الهادفة لتهجير الإنسان الفلسطيني والتعدي على حقوقه وسلب أرضه والمساس بالحق التاريخي والديني الأصيل في إدارة المقدسات الدينية والإشراف عليها، وفرض واقعٍ غير قانوني قائم على الاعتداء وتغيير الوضع القانوني القائم.
إننا نجد أنفسنا أمام أطماعٍ توسّعية أخرها مخطط حكومة الاحتلال لسحب صلاحيات بلدية الخليل في المسجد الإبراهيمي ومحيطه في البلدة القديمة، والذي هو أمرٌ مرفوض ومدان، ولا يعكس إلا سياساتٍ أحادية تستمر بها اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، وتنتهك، كما في كل سلوكٍ لها، القانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة، في محاولة لبسط سيطرتها على الحرم الإبراهيمي بالكامل وتغيير هويته الإسلامية والعربية.
وعليه، فإن المملكة الأردنية الهاشمية، وعبر وزارة الخارجية وشؤون المغتربين أدانت هذه المخططات وأعربت عن الرفض الشديد لها، مؤكدةً على الموقف الثابت والواضح بأن لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن جميع الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير شرعية وغير قانونية.
ونتطلع إلى أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وحكومتها وأي جهاتٍ استيطانية بالتراجع عن هذه المخططات ووقف أي سلوكٍ تنتهجه من شأنه انتهاك الثوابت والحقوق التاريخية لفلسطين وأرضها وشعبها، وإنهاء جميع الإجراءات التوسّعية اللا شرعية في الضفة الغربية المحتلة، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وتلبية حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وفق مقررات الشرعية الدولية وحل الدولتين وبما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، وعلى حدود الرابع من حزيران للعام 1967.
ولا ننسى غزّة الصامدة والتي ينزف أهلها دماً ويعانون ويلاتٍ ويتضورون جوعاً جراء الاعتداءات الغاشمة والمستمرة على القطاع منذ 21 شهراً، أسفرت قتلاً وتدميراً وتشريداً واليوم وصلت الظروف الإنسانية في أسوأ حالاتها جراء سياسة التجويع التي اصبحت سلاح الاحتلال، الذي حوّل قطاع غزّة أرضاً مشبعة بالدم وبيئةً غير صالحةٍ للعيش البشري ومنطقة مجاعة تفجعنا يومياً صور معاناة تصل الى حد الموت الجماعي.
وهذه المعاناه بدأت تجد صدى ً دولياً، فبالأمس صدرعن وزراء خارجية ٢٥ دولة بياناً شدّد على ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني، ورفض جميع محاولات التهجير القسري والتغيير الديمغرافي والجغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب رفض البيان للأنشطة الاستيطانية التي تقوّض حلّ الدولتين، والدعوة إلى حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية ورفع القيود التي تعيق عمل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
إن هذه الخطوة ذات البعد الدولي، والتي رحبت بها المملكة الأردنية الهاشمية ودولٌ عربية شقيقة، تشكّل إحساساً بعمق الأزمة الراهنة ومخاطرها الكارثية، وهو تحرّك ينسجم مع المطالبات بتحركٍ دولي فاعل لإنهاء المأساة الإنسانية في غزة ووقف فوري ودائم لإطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية.
إن مجلسنا الكريم أمام هذا الواقع، الذي لم يسطّر التاريخ قبله حالاً مأساوياً، لم يسبق أن شَهده شعب، ولم تسجّل الإنسانية كارثة أكبر منه ، ما يتطلب منا بحث سبل التحرّك السياسي والقانوني والدبلوماسي على المستوى العربي والمستوى الدولي لوقف هذه المجزرة المروعة ولمواجهة هذا الصّلف والعدوان الغاشم، الذي يراه العالم أجمع منقسم بين مراقبٍ بصمت ومتعاطفٍ بلا تحرّك.
إن اجتماعنا هذا يجب أن يحدد خطواتٍ عمليةٍ نتوافق عليها لتكون عوناً للأهل في فلسطين، ومحفزاً للمجتمع الدولي، ومحركا للقوى والمنظمات والأطراف الأممية للضغط بكل الوسائل التي من شأنها وقف هذه الحرب وإنهاء العدوان وإنقاذ غزّة وأهلها من مجاعةٍ لم تعد محتملة.