هبه بني سلمان
في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، وأمام تصاعد التهديدات الإسرائيلية التي لم تعد تقف عند حدود فلسطين، بل امتدت لتطال قطر الشقيقة، أطلّ جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بكلمة واثقة في القمة العربية الإسلامية الطارئة التي انعقدت في الدوحة، ليضع أمام قادة العرب والمسلمين صورة واضحة لحقيقة الخطر، وخارطة طريق لمواجهته بحزم وفعالية.
خطاب جلالته لم يكن مجرد كلمات عابرة في محفل سياسي، بل كان موقفاً تاريخياً يؤسس لمرحلة جديدة من العمل العربي والإسلامي المشترك. بكلماته الصادقة والعميقة، أدان جلالته العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر، واعتبره خرقاً صارخاً للقانون الدولي وتصعيداً خطيراً يهدد أمن المنطقة بأسرها. وفي أبهى صور التضامن العربي، أكد أن أمن قطر هو أمن الأردن، واستقرارها استقراره، وأن دعم الأردن لها مطلق وغير مشروط.
لقد وضع جلالة الملك عبدالله الثاني النقاط على الحروف حين شدد على أن العدوان على قطر ما هو إلا دليل على أن التهديد الإسرائيلي بلا حدود، وأن الردّ عليه يجب أن يكون واضحاً وحاسماً ورادعاً . وهي رسالة صريحة بأن المرحلة لم تعد تحتمل الاكتفاء بالبيانات أو الشعارات، وإنما تتطلب مواقف عملية وقرارات ملزمة تصون الأمن العربي والإسلامي وتحمي الحقوق المشروعة للشعوب.
في كلمته، ذكّر جلالته بأن إسرائيل، ومنذ عامين، لم تتوقف عن حرب الابادة على غزة ، وعن القتل والتدمير وتجويع الأبرياء ، فضلاً عن تهديدها المستمر لأمن لبنان وسوريا، وصولاً إلى الاعتداء على سيادة قطر وأمنها. وأكد أن هذا التمادي ما كان ليحدث لولا صمت المجتمع الدولي الذي سمح لها بأن تكون فوق القانون.
من قلب الدوحة، دعا الملك إلى مراجعة شاملة وجادة لكل أدوات العمل العربي والإسلامي المشترك، بما يعزز القدرة الجماعية على مواجهة خطر الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. وشدد على أن قمة الدوحة يجب أن تكون نقطة تحول، تخرج بقرارات عملية تضع حداً للعدوان، وتوقف الحرب على غزة، وتمنع تهجير الشعب الفلسطيني، وتحمي القدس ومقدساتها، وتصون أمن الأمة ومستقبلها.
خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في القمة الطارئة لم يكن مجرد بيان سياسي، بل كان تجسيداً لموقف قائد عربي أصيل يحمل هموم الأمة، ويترجم إرادتها إلى كلمات جامعة تُلزم ولا تساوم. لقد رسّخ جلالته صورة الأردن كصوت صادق ومسؤول، وقيادة تعرف حجم التحديات وتواجهها بثبات ووضوح.
بهذا الخطاب التاريخي، ارتفع صوت الأردن عالياً في سماء الدوحة، ليؤكد أن الأمة ما زال فيها من ينهض بكرامتها، ويدافع عن قضاياها، ويضعها أمام مسؤولياتها، فلا تهاون في الحقوق، ولا تساهل في الكرامة، ولا مساومة على الأمن والاستقرار. إنه خطاب قائد بحجم الأمة، يكتب بمداد المصداقية والشجاعة، ويؤسس لمرحلة عنوانها: وحدة الصف، وصلابة الموقف، ووضوح القرار.
إن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في القمة الطارئة أكد مجدداً مكانة الأردن كصوت مسؤول وقيادة ثابتة في الدفاع عن قضايا الأمة. ومن هنا، فإن الالتفاف حول هذا الموقف الأردني الواضح هو واجب عربي وإسلامي، لترجمة دعوة جلالته إلى عمل جماعي حاسم يصون الأمن والاستقرار ويحمي القدس وحقوق الشعوب.
حمى الله الأردن قيادة و شعبا و جيشا و أدام علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.