رولا بزادوغ: الصدمة المركبة تؤثر في العاطفة والهوية والعلاقات

mainThumb
الدكتورة رولا بزادوغ، المختصة في علم النفس

10-10-2025 05:40 PM

printIcon

أخبار اليوم – تالا الفقيه - أكدت الدكتورة رولا بزادوغ، المختصة في علم النفس، أن اضطراب الصدمة المركبة أو ما يُعرف بـ Complex PTSD يُعد من الموضوعات الدقيقة والمهمة في الصحة النفسية، مشيرة إلى أنه يختلف عن الصدمات الفردية العادية لكونه ناتجاً عن تجارب نفسية متكررة أو مزمنة تمتد لفترات طويلة، وغالباً ما تبدأ في مراحل مبكرة من العمر.

وأوضحت بزادوغ أن هذا النوع من الاضطرابات ينشأ نتيجة الإيذاء المتكرر في الطفولة سواء كان جسدياً أو نفسياً أو جنسياً، إضافة إلى الحرمان العاطفي المزمن الذي قد يتعرض له الفرد حتى في مرحلة البلوغ، عندما يعيش في بيئة تخلو من الحب والاحتواء والدعم. كما تُعد العلاقات السامة والمسيطرة، والعنف الأسري أو مشاهدته بشكل متكرر، من العوامل التي تزرع جذور هذا الاضطراب في الشخصية، إلى جانب فقدان الأمان الأسري أو الحرمان من مقدمي الرعاية في الطفولة.

وأضافت أن الصدمة المركبة تترك آثاراً طويلة المدى على الدماغ والعاطفة والهوية، موضحة أن من أبرز أعراضها على المستوى النفسي والعاطفي صعوبة تنظيم المشاعر، نوبات الغضب أو البكاء المفاجئة، الخدر العاطفي، القلق والاكتئاب المزمن، الشعور المستمر بالذنب أو العار، وتدني تقدير الذات.

أما على المستوى الجسدي، فتظهر أعراض مثل الصداع المتكرر، الآلام الجسدية غير المبررة طبياً، اضطرابات النوم، والكوابيس المتكررة، في حين ينعكس أثرها على العلاقات الاجتماعية من خلال صعوبة الثقة بالآخرين، الخوف من الهجر، الميل إلى العلاقات المؤذية أو تجنّبها تماماً، إضافة إلى الاعتماد الزائد أو الانفصال العاطفي.

وبيّنت بزادوغ أن الصدمة المركبة تمتد آثارها حتى إلى هوية الفرد وصورته عن ذاته، إذ يعاني المصابون منها من فقدان الإحساس بالمعنى والاتجاه في الحياة، وصورة سلبية عن الذات والآخرين.

وأكدت أن علاج هذا الاضطراب ممكن، لكنه يحتاج وقتاً وصبراً وجهداً متكاملاً، موضحة أن العلاج النفسي السلوكي المعرفي المخصص للصدمات يُسهم في تغيير الأفكار والمعتقدات السلبية، بينما يساعد العلاج الجدلي السلوكي في تنظيم المشاعر وتحسين العلاقات، ويُستخدم العلاج المعتمد على الوعي الجسدي لتخفيف أثر الصدمة المخزن في الجسد.

وختمت الدكتورة بزادوغ بالتأكيد على أن الصدمة المركبة ليست أمراً بسيطاً أو عابراً، بل تحتاج إلى رحلة علاج متكاملة تشمل الدعم النفسي، والمساندة الاجتماعية، والتقنيات الذاتية للتعامل مع الأعراض، داعية كل من يشعر بأنه يعاني من هذه الأعراض إلى مراجعة مختص وعدم ترك نفسه فريسة للألم الداخلي، قائلة: “العلاج ممكن، والشفاء يبدأ بخطوة شجاعة نحو المساعدة.”