أخبار اليوم - يتقدّم في الشارع الرياضي الأردني نقاش واضح حول مستقبل كرة القدم الوطنية، نقاش لا ينطلق من مزاج عابر ولا من ردّة فعل على بطولة أو مباراة، بل من قناعة تتشكّل لدى المتابعين بأن ما تحقق للمنتخب في الفترة الأخيرة يجب أن يكون بداية لمسار أطول، لا محطة عابرة تُستهلك ثم تُنسى.
أصوات كثيرة داخل هذا النقاش ترى أن اللحظة الحالية مناسبة للانتقال من منطق النتائج السريعة إلى منطق المشروع، مشروع كروي ممتد تقوده المؤسسة الرسمية، ويقوم على التخطيط لا الارتجال، وعلى البناء لا الترقيع. جوهر هذا المشروع، كما يراه الشارع الرياضي، يبدأ من الأكاديميات الكروية، لا من المنتخب الأول فقط.
المطالبات تتركز على توسيع قاعدة الأكاديميات وتوزيعها جغرافيًا، بحيث لا تبقى محصورة في العاصمة أو في نطاق ضيق، بل تمتد إلى المحافظات والقرى، حيث توجد طاقات شابة لا تجد طريقها إلى الأندية ولا إلى المنتخبات العمرية. ويعتبر متابعون أن غياب هذا الامتداد الجغرافي حرم الكرة الأردنية سنوات طويلة من مواهب كان يمكن أن تصنع الفارق.
وفي هذا السياق، يطالب الشارع الرياضي بأن تكون الأكاديميات جزءًا من منظومة واضحة مرتبطة بالأندية، لا مبادرات فردية متفرقة، مع برامج تدريب موحّدة، وكوادر مؤهلة، ومسار فني يضمن انتقال اللاعب من الفئات العمرية إلى الفريق الأول بشكل طبيعي ومدروس.
كما يبرز ملف تسويق اللاعبين الأردنيين خارجيًا كأحد الأهداف التي يراها الشارع أساسية في أي مشروع كروي حقيقي. الاحتراف الخارجي، بنظر المتابعين، لا يخدم اللاعب فقط، بل يرفع مستوى المنتخب، ويعيد ضخ الخبرة والمنافسة إلى الدوري المحلي، ويمنح الكرة الأردنية حضورًا أوسع خارج حدودها.
ولا تنفصل هذه المطالبات عن الحديث عن البنية التحتية، حيث يشير متابعون إلى أن أي مشروع طويل الأمد يحتاج إلى ملاعب تدريب مناسبة، ومرافق حديثة، وبيئة عمل تحترم اللاعب والمدرب، لأن غياب هذه العناصر كفيل بإفراغ أي خطة من مضمونها.
اللافت في هذا النقاش أن الشارع الرياضي لا يطالب بقرارات انفعالية، ولا بتغييرات سريعة لإرضاء الرأي العام، بل يدعو إلى رؤية واضحة، تُعلن بشفافية، وتُدار بجدول زمني، ويُقاس نجاحها بقدرتها على الاستمرار وتجديد نفسها، لا بعدد الانتصارات في موسم واحد.
الرسالة التي تتكرر في هذا النقاش بسيطة وواضحة: كرة القدم الأردنية لا تحتاج معجزة، لكنها تحتاج مشروعًا، مشروعًا يبدأ من القاعدة، يمر عبر الأندية، ويصل إلى منتخب قوي، مستقر، وقادر على المنافسة دون أن يكون رهينة لحظات صعود أو هبوط.