أخبار اليوم - أعاد إعلان تشكيل لجنة جديدة للتحقيق في أسباب الانهيارات الأخيرة في قلعة الكرك فتح نقاش واسع حول النهج المتكرر في التعامل مع الأزمات، حيث تحوّل القرار إلى مادة سخرية شعبية أكثر منه مدخلًا جديًا للحلول. فبدل أن يبعث تشكيل اللجنة على الطمأنينة، بدا وكأنه يؤكد شعورًا راسخًا لدى الناس بأن اللجان أصبحت غاية بحد ذاتها، لا وسيلة لمعالجة الخلل.
في هذا النقاش، طغت لهجة التهكم على أي حديث تقني أو هندسي. كثيرون رأوا أن الأسباب معروفة مسبقًا، من تصريف المياه، وتشبع التربة، والإهمال التراكمي، ومشاريع متعثرة منذ سنوات، ومع ذلك يعاد إنتاج المشهد ذاته: لجنة تدرس، لجنة توصي، لجنة تكلّف، ثم يطوى الملف دون معالجة جذرية. الفكرة السائدة أن الوقت والمال يستهلكان في الاجتماعات، فيما تبقى المواقع على حالها بانتظار منخفض جديد يعيد القصة من بدايتها.
اللافت أن النقاش لم ينكر خطورة ما جرى ولا رمزية الموقع، بل ركّز على فقدان الثقة بالمسار الإداري. فحين تتكرر اللجان دون نتائج ملموسة، يصبح السؤال منطقيًا: لماذا لا تُصرف الموارد مباشرة على الصيانة، والتدعيم، والحلول الوقائية، بدل الدوران في حلقة مفرغة من الدراسات؟ هذا السؤال تكرّر بصيغ مختلفة، لكن جوهره واحد: الإرهاق من الوعود المؤجلة.
ومع تصاعد السخرية، تشكّل شبه إجماع ساخر على الخلاصة المتوقعة مسبقًا: بعد أسابيع أو أشهر من العمل، سيخرج التقرير ليقول إن السبب يعود إلى «المزراب» أو «الأمطار الغزيرة»، وكأن المشكلة وليدة لحظة طقس عابر، لا نتيجة سنوات من الإهمال والتأجيل. هكذا، ينتهي التحقيق كما بدأ، ويبقى الموقع بانتظار لجنة جديدة، ومزراب جديد، ومنخفض آخر يعيد فتح النقاش من الصفر.