الحاجة أمُّ الاختراع .. هكذا تحوّل نساء غزة المعكرونة إلى خبز !

mainThumb
الحاجة أمُّ الاختراع... هكذا تحوّل نساء غزة المعكرونة إلى خبز !

07-05-2025 10:00 AM

printIcon

أخبار اليوم - وسط الدمار ونقص بفعل الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر، لم يعد الخبز – أحد أبسط مقومات الحياة متاحًا بسهولة لأكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة. لكن الحاجة، وكما في كل مرة، تولد الابتكار، إذ لجأ سكان القطاع إلى طريقة غير مألوفة: طحن المعكرونة المجففة وتحويلها إلى طحين، ثم استخدامها لصنع نوع بديل من الخبز.

في أحد المخابز البدائية بمدينة غزة، تعمل أم محمد على عجين أصفر اللون، قوامه ثقيل ومذاقه غريب، لكنه ضروري. تقول: "لم نعد نجد الطحين منذ أسابيع، حتى. وجدنا في المعكرونة المُجففة المطحونة بديلاً رغم صعوبته".

لم تكن المكرونة أولى البدائل، بل واحدة من عدة محاولات بدأ السكان بتجريب كل ما يمكن طحنه وطهيه على نار الحطب لسد رمق أطفالهم الجوعى . فالقمح اختفى، والخبز أصبح ترفًا لا تحمله الأكياس ولا الأرغفة.

وعن الطريقه، تقول السيدة أم رامي البشتلي، نأتي بالمعكرونة ثم نضعها بالمطحنة اليدوية أو الحجرية، أو في الخلاط حال توفر مصدر كهربائي، أو في مطاحن البهارات، ونبقيها حتى تصبح ناعمة مثل الطحين.

وتابعت حديثها لوكالات، نقوم بخلط كميات صغيرة منها مع الطحين إن توفر، وفي حال عدم توفره نقوم بعجنها حتى تتماسك، ونضيف عليها الخميرة والملح والماء الفاتر، ويفضل عند خبزها أن يكون على الصاج لأنه قشرته تكون قاسية وبالتالي يصبح بعد ساعات من خبزه قاسيا ويصعب هضمه.



وبالنسبة لمذاقه تقول أم رامي البشتلي، ليس مهما مذاق الخبز أو قوامه إذ ما كان يختلف عن خبز الدقيق، هو أقرب للبسكويت ولا يشبع، ولكن الأهم لنا أن نجد ما نطعم به أطفالنا بعد أن أنهكهم الجوع، وباتوا غير قادرين حتى على الوقوف أو التركيز.



ورغم أن الخبز المصنوع من المعكرونة لا يشبه الطحين التقليدي لا في القوام ولا في المذاق، إلا أنه يؤمن الحد الأدنى من الطاقة الغذائية. وتضيف أم محمد: "هذا ليس خبزًا حقيقيًا، لكنه يسكت الجوع، والأطفال لا يشتكون إن وضعنا قليلاً من الزعتر أو الزيت عليه".

في مشهد موازٍ، يُسمع صوت الطاحونة اليدوية في أحد الأحياء الشرقية لخان يونس، حيث يجتمع رجال حولها في نوبة انتظار لطحن ما تبقى من المعكرونة. يقول محمد علي، شاب في العشرينات: "لم أتصور أنني سأشتاق لرغيف خبز من الطحين العادي. الآن نحلم برغيف طريّ."

وتنتشر مطاحن العدس وعلف الحيوانات في أسواق القطاع، حيث يصطف المئات من أهالي القطاع يوميا أمامها لطحن وهرس ما يأتون به لتحويله لدقيق.

وتكشف مشاهد كهذه عن البعد الإنساني الأليم لحصار خانق، وسط عجز المجتمع الدولي عن فتح ممرات آمنة مستدامة لتوفير الغذاء. في ظل انهيار شبه تام للمنظومة الإنسانية في غزة، لم يعد الغزيون يسألون "ماذا نأكل؟" بل "هل يمكن أن نأكل؟".

ومنذ قرابة تسعة أسابيع، تمنع سلطات الاحتلال إدخال أي إمدادات إلى قطاع غزة، ما أجبر المخابز والمطابخ المجتمعية والجمعيات الخيرية على إغلاق أبوابها. كما أعلنت المنظمات الدولية العاملة في القطاع عن نفاد مستودعاتها من المستلزمات الغذائية، بما فيها حليب الأطفال.

وتواصل إسرائيل منذ نحو شهرين منع دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إذ أوقفت في 2 مارس/ آذار الماضي، عبور المساعدات من معابر كرم أبو سالم، وإيريز، وزيكيم، ما أدى إلى توقف دخول المواد الإغاثية والوقود بشكل كامل.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ ذلك التاريخ جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.