خبز من لا خبز له .. الغزيون يبتكرون بدائل قاسية للدقيق

mainThumb
خبز من لا خبز له.. الغزيون يبتكرون بدائل قاسية للدقيق

07-05-2025 12:48 PM

printIcon

أخبار اليوم - مع استمرار الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها قطاع غزة، ونتيجة الارتفاع غير المسبوق في أسعار دقيق القمح، بدأ المواطنون يبحثون عن بدائل لإنتاج الخبز بعيدًا عن الدقيق التقليدي.

وفي مواجهة الحصار وندرة الموارد، تحوّلت مطابخ الغزيين إلى معامل ابتكار غذائي، حيث بدأت تظهر أنواع جديدة من الخبز المصنوع من دقيق الأرز، والمعكرونة المطحونة، والبطاطا، والشعير، وحتى العدس.

خبز المعكرونة

سماح عليان، أم لأربعة أطفال، لجأت إلى خبز المعكرونة نظرًا لعدم قدرتها على شراء الدقيق بعد ارتفاع أسعاره أكثر من 500%.

تقول عليان من مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة: "يجلب أطفالي المعكرونة من التكية، أقوم بغسلها جيدًا من صلصة البندورة، وأصفّيها من الماء، ثم أضيف عليها ماءً بدرجة حرارة أعلى من الدفء بقليل، وأضيف القليل من السكر، والخميرة، ورشة ملح، ثم أعجنها جيدًا، وأتركها لتختمر، وبعد ذلك أقطعها وأخبزها في مقلاة على نار الحطب".

وتضيف عليان لـ "فلسطين أون لاين": "لا يشبه مذاق هذا الخبز خبز الدقيق العادي، الألذ بالطبع، ولكنه يُعد بديلًا جيدًا يسد جوع أطفالي، حيث بدأت بصنعه عندما اشتدت المجاعة في الشمال قبل نحو عشرة أشهر".

وتتجه النساء في قطاع غزة للبحث عن بدائل لمكونات غذائية قد تُنجح محاولات صنع الخبز، مثل المعكرونة، والعدس، والشعير، والأرز، وهي بدائل متوفرة في الأسواق وبأسعار أرخص من الدقيق.

دقيق الأرز

كما تفعل أماني صبيح، التي تقطن بالقرب من ميناء غزة، إذ اتجهت مؤخرًا إلى طحن ما لديها من أرز ومعكرونة لدى شخص في سوق الزاوية يمتلك مطحنة كهربائية، ثم تحول الخليط المطحون إلى خبز.

وتقنّن صبيح كمية الخبز التي تصنعها يوميًا لأسرتها المكونة من خمسة أفراد، بحيث تكتفي بصنع عشرة أرغفة وتقسيمها على مدار يومين، وتخصص نصف رغيف يوميًا لكل فرد.

تقول صبيح لـ"فلسطين أون لاين": "في الصباح الباكر، أقوم بتسخين الماء على نار الحطب، ثم أضيفه إلى خليط الأرز والمعكرونة، مع قليل من الملح، والسكر، والخميرة، تمامًا كما أفعل عند عجن الدقيق العادي".

وتتابع: "أحيانًا أصنع مناقيش الزعتر والدُّقة، مستبدلة الزيت النباتي بزيت الزيتون مرتفع السعر، من أجل التغطية على المذاق ومنحه طعمًا أطيب".

دقيق الأرز والعدس، الشائع بين العائلات التي لديها أطفال مصابون بحساسية القمح، أصبح الآن خيارًا متاحًا لأن كلفته أقل نسبيًا مقارنة بالدقيق العادي.

خبز العدس

واتّبع الغزيون طريقتين لصنع الخبز من العدس؛ إما بطحنه وهو جاف، أو بعد نقعه بالماء ليلة كاملة، كما تفعل آية أهل، التي لا تقوى على شراء الدقيق الذي ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد منه من 4 شواقل إلى 40 شيقلًا.

تقول أهل من حي الدرج: "في البداية، كنت أنقع العدس بالماء ليلة كاملة، وأغيّر الماء أكثر من مرة للتخلص من المواد التي تُسبب الغازات، ثم أضيف عليه ماءً دافئًا، وبعض الخميرة، والسكر، والملح، وأطحن المزيج بواسطة خلاط كهربائي في نقطة شحن هواتف محمولة تعمل بالطاقة الشمسية".

وتضيف لـ"فلسطين أون لاين": "يكون الخليط سائلًا، فأقوم بسكبه على مقلاة فوق موقد حطب، وأحمّره من الوجهين، وبهذا أحصل على خبز صحي وطعمه مقبول".

وتتابع: "لا بديل يمكن أن يحل محل خبز الدقيق، وكل البدائل التي نجدها هي لسد جوعنا فقط. بعض أطفالي ملّوا من خبز العدس ويطالبونني دائمًا بخبز الدقيق، لكني لا أقدر على تلبية طلبهم؛ فسعره جنوني ويفوق قدرتي المادية".

بعد نسف اتفاق وقف إطلاق النار من قبل الاحتلال الإسرائيلي في 18 مارس الماضي، ارتفعت أسعار كيس الدقيق (25 كغ) بنسبة تجاوزت 500%، ليصل سعره إلى أكثر من 1000 شيقل (الدولار يعادل 3.61 شيقلًا)، وهو ما يفوق قدرة كثير من الأسر.

بالإضافة إلى تقلص الدعم الإغاثي، وتقليص كميات الطحين التي توزعها وكالة "الأونروا" وبعض المؤسسات الإغاثية، زاد العبء على المواطنين. أما الحصار الإسرائيلي المستمر، وإغلاق المعابر، فقد أدّيا إلى ندرة المواد الغذائية، وعلى رأسها الدقيق.

 فلسطين أون لاين