أخبار اليوم - سهم محمد العبادي - أثار قرار نقابة الصحفيين الأردنيين المبني على ملاحقة كل من ينتحل صفة "صحفي" أو "إعلامي" ارتياحاً واسعاً لدى الشارع الأردني، وسط موجة من التعليقات التي رحبت بالخطوة، ووصفتها بأنها "متأخرة لكنها صائبة" في ظل ما وصفه مواطنون بـ"الانفلات الإعلامي" و"التهريج الرقمي".
وبرزت عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي آلاف التعليقات التي اعتبرت أن مهنة الصحافة، التي كانت في الماضي مهنة نخبوية ونضالية، أصبحت اليوم مسرحاً لمن لا مهنة له، وساحة مفتوحة لكل من يحمل هاتفاً محمولاً أو ينشئ صفحة عبر "فيسبوك" أو "تيك توك"، مدّعياً المهنة ومتحدثاً باسم الناس دون علم ولا مسؤولية ولا التزام بالضوابط المهنية.
وصف البعض القرار بأنه "رد اعتبار" للصحافة الأردنية التي طالها التسيّب، مشيرين إلى أن المشهد الإعلامي بات يعاني من محتوى هابط، وابتذال في الطرح، وترويج للإشاعات، وابتزاز تحت مسميات لا تخضع لأي رقابة أو مساءلة. وعلّق أحد المواطنين: "أخيراً هناك من يقول كفى، الصحافة مش لبس سترة مكتوب عليها إعلامي، ولا لايفات تشويش وشتائم".
كما استنكرت التعليقات استسهال البعض للانخراط في العمل الصحفي دون مؤهلات أو أخلاقيات، معتبرين أن الطفل اليوم يستطيع عبر هاتف والده أن يشاهد محتوىً كان في السابق يُحجَب حتى عن الكبار، بفعل الفوضى غير المضبوطة للمحتوى الرقمي. وقال مواطن: "صرنا نخاف نفتح الموبايل بوجود أطفال.. شوية أخلاق بس، إذا ظل في إشي اسمه أخلاق".
في السياق ذاته، أعاد كثيرون التذكير بالحالات التي تسببت فيها حسابات وأشخاص يدّعون الصحافة بنشر أخبار مفبركة أو فيديوهات مجتزأة أضرت بالسلام المجتمعي، وشوّهت صورة قطاعات أو مؤسسات أو أفراد، دون أن تكون هناك محاسبة واضحة. وكتب أحدهم: "هؤلاء ليسوا إعلاميين، بل تجار فوضى وفتنة، ويجب اجتثاث هذه الحالة قانونياً وبشكل حازم".
كما عبّر البعض عن ضجرهم من انتشار ما أسموه "إعلام أبو الشلن"، حيث أصبح من المعتاد أن يطلب البعض المال مقابل الترويج، أو التحريض، أو حتى تغطية مناسبات، ما أسهم في ضرب مصداقية الإعلام الحقيقي. وقال أحدهم: "صار كل واحد معه كاميرا بخمسة دنانير بيقلب صحفي.. لازم وقف لهذه المهزلة".
من جهة أخرى، دعا مواطنون إلى تفعيل الرقابة الجدية والتنسيق بين الجهات القضائية والأمنية والنقابية، لضبط هذه الظاهرة، مؤكدين أن الصحفيين الحقيقيين يدفعون ثمناً غالياً من جهدهم وسمعتهم، ولا يجوز أن توضع أسماؤهم في سلة واحدة مع منتحلي الصفة.
ويبدو من التفاعل أن الأردنيين، رغم نقدهم أحياناً لأداء الإعلام، لا يزالون ينظرون إلى الصحافة كقيمة ومؤسسة يجب أن تُصان، وأن تتطهر من العابثين بها، معتبرين أن كرامة المهنة لا تقل أهمية عن صدقيتها، وأن كسر هذه الفوضى لا يتم إلا عبر قانون نافذ وإرادة نقابية حازمة.