على قدم واحدة .. "علي" يقاوم الحرب ليحقِّق وعدًا لأمِّه الشَّهيدة

mainThumb
على قدم واحدة... "علي" يقاوم الحرب ليحقِّق وعدًا لأمِّه الشَّهيدة

27-05-2025 09:49 AM

printIcon

أخبار اليوم - في غزة، حيث لكل شاب قصة مع حرب الإبادة، تبدو حكاية علي طافش (23 عامًا) كأنها فصل كامل من الألم المتواصل.

طافش هو غزي في ريعان شبابه، من سكان حي الزيتون، كانت حياته عادية رغم القلق اليومي الذي يرافق أهالي القطاع، كان طالبًا في السنة الأخيرة في كلية الشريعة والقانون، على بعد خطوات من تخرجه الذي ينتظره ليهدي والدته حلمها الأكبر: أن تراه يرتدي روب التخرج.

لكن، بعد انتهاك الاحتلال وقف إطلاق النار بغزة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، تجدد القصف الإسرائيلي بشكل أعنف مما سبق، في ليلة قاتمة من ليالي غزة، استهدفت طائرات الاحتلال المنزل المجاور لمنزلهم، وامتد أثر القصف إليهم. في لحظة، انفجر كل شيء من حوله.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن قوات الاحتلال حرب إبادة جماعية على غزة، أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 170 ألف مواطن معظمهم أطفال ونساء، بحسب وزارة الصحة.

يقول طافش لـ "فلسطين أون لاين": "ما كنتش فاهم شو صار، فجأة الدنيا اسودت في عيني، غبار وركام وصراخ... وبعدين صمت، كأنه العالم انتهى"، فكان مستلقياً، لا يشعر بساقه، لكنه لم يدرك بعد ما حدث.

لحظات مرت وكأنها دهور، حتى جاء الجيران لإنقاذ من أصيب من العائلة، ورغم إصابته، حاول أن يساعد خاصة ان كمية الركام والدمار تعيق الوصول إليه، فحمل ساقه المبتورة بيده، ومشى بضع خطوات قبل أن يسقط أرضًا من شدة النزيف، "ما حسّيت بشي، بس كنت شايل رجلي بإيدي.. وقعت، وما صحيت إلا بعد بيومين".

عندما أفاق، وجد نفسه على سرير في مستشفى، وما حوله من وجوه تخفي الحقيقة، يقول: "تحسست موضع الألم... ما لقيت رجلي، كل من حولي ساكت ولم يتفوهوا بأي كلمة، لكني فهمت بدون ما يحكوا". أخبروه أن الأطباء قد بتروا قدمه من فوق الركبة لأنهم لم يتمكنوا من إنقاذها بسبب نقص الإمكانيات، فلا معدات ولا أدوية ولا حتى وقت كافٍ.

لكن الألم الأكبر لم يكن جسديًا، في ذات الغارة، استُشهدت والدته، التي كانت كل حياته، "فخبر استشهاد والدتي كان اصعب وأثقل على قلبي من خبر بتر قدمي"، مستكملًا حديثه: "فأنا بكرها، من وأنا طفل وهي سندي، كانت تقولي: بدي أشوفك لابس روب التخرج. راحت قبل ما أحقق لها حلمها".

هربًا من الموت المتكرر، وبعد مشاعر الوجع والفقد الذي عاشها إلى جانب الخوف أجبر على النزوح مع عائلته إلى جنوب القطاع، لكنه وجد بعد تجربة مريرة أن النزوح لا يقل قسوة عن القصف.

يتابع طافش حديثه: "فكرنا الوضع أحسن، بس لا رعاية صحية ولا أكل ولا أمان، والقصف واصل كل مكان"، ولم تمضِ أيام حتى استشهد شقيقه عبدالله في غارة أخرى، "النزوح بهدلة، يعني تموت ولا يحكولك انزح من مكانك فكيف يمكن ان تختصر حياتك في حقيبة تحمل على الكتفين".

اليوم، يعيش بطرف مبتورة، وقلب مثقل بالحزن، وأحلام مؤجلة، لكنه لا يزال متمسكًا بما تبقى، مضيفًا: "بدي أرجع أكمل جامعتي، عشان أكون زي ما أمي كانت تتمنى".

وطافش ليس استثناءً، بل مرآة لحياة أُناس يعيشون الحرب بكل تفاصيلها: الفقد، البتر، النزوح، والحنين لكل شيء قبل الحرب، لكنه يظل واقفًا، ولو على قدم واحدة، أمام وطن يحاول أن يكمل فيه حياته ويحقق حلمه. ليس استثناءً، بل مرآة لحياة أُناس يعيشون الحرب بكل تفاصيلها: الفقد، البتر، النزوح، والحنين لكل شيء قبل الحرب، لكنه يظل واقفًا، ولو على قدم واحدة، أمام وطن يحاول أن يكمل فيه حياته ويحقق حلمه.

المصدر / فلسطين أون لاين