سبعة أطفال تحت الرَّماد .. وقصَّة طبيبة غزية تمسك ببقايا الحياة

mainThumb
سبعة أطفال تحت الرَّماد.. وقصَّة طبيبة غزية تمسك ببقايا الحياة

31-05-2025 10:39 AM

printIcon

أخبار اليوم - بين غرفة العناية الفائقة في مستشفى "مبنى الياسين" الطبي، حيث يرقد زوجها الطبيب حمدي النجار (40 عامًا)، وبين زياراتها اليومية لقسم الأطفال التابع لمنظمة "أطباء بلا حدود" (MSF) حيث يُعالج ابنها آدم (11 عامًا)، تعيش الطبيبة آلاء النجار (35 عامًا) أيامًا أشبه بالكابوس، منذ أن فقدت سبعة من أطفالها في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلهم في خان يونس، وفقًا لشهادات العائلة وزملائها في العمل.

صباح الجمعة الماضية، غادرت آلاء — أخصائية طب الأطفال — منزلها متجهة إلى عملها في مستشفى التحرير ضمن مجمع ناصر الطبي، برفقة زوجها، قبل أن يعود الأخير إلى المنزل لرعاية أطفالهما العشرة، وتقديم العلاج المجاني في المستوصف العائلي بمنطقة "قيزان النجار".

لكن بعد الساعة الثانية ظهرًا، تبدّل كل شيء. صاروخان إسرائيليان دمّرا المنزل بالكامل. استُشهد سبعة من أطفالهم على الفور: رُكان، رِسلان، جُبران، إيف، ريفان، سيدين، ولُقمان (تتراوح أعمارهم بين عامين و12 عامًا). في حين لا يزال مصير الطفل يحيى (12 عامًا) والرضيعة سندس (6 أشهر) مجهولًا، بينما نُقل الزوج إلى العناية المركزة مصابًا بجروح خطيرة، وأُصيب آدم بحروق بالغة.

يقول علي النجار، شقيق الزوج، لـ "فلسطين أون لاين": "كان المشهد مروعًا.. وجدت أخي ينزف وسط ركام المنزل، وجثث الأطفال متفحمة. حتى آلاء، الطبيبة التي تعالج الحالات الحرجة، لم تتمكن من التعرف عليهم من شدة الحروق".

ويضيف النجار (51 عاما): "لا يوجد مبرر لاستهداف منزل طبيبين كرّسا حياتهما لعلاج الفقراء. هذه جريمة حرب موثّقة."

ترفض الطبيبة آلاء، التي ترتدي النقاب، التحدث لوسائل الإعلام، بحسب زميلتها الدكتورة فداء النادي، التي تقول: "لم يتبقَ لها سوى آدم. تقضي وقتها بين الصلاة والدعاء لزوجها وابنها، وتنتظر خبرًا عن طفليها المفقودين.


الزوجان حمدي وآلاء، أبناء عم، يمثلان شريحة الطبقة المتعلمة في غزة. آلاء وُلدت في السعودية ودرست الطب في السودان، أما حمدي فتخرج من كلية الطب في مصر. تزوجا عام 2014، وافتتحا مستوصفًا لخدمة الفقراء مجانًا.

يقول الطبيب طارق أبو عنزة، الذي زامل آلاء لعامين: "استهداف منزل عائلة مدنية دون إنذار، وقتل سبعة أطفال دفعة واحدة، هو جريمة حرب واضحة وانتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف التي تحظر العقاب الجماعي والهجمات العشوائية."

ويضيف أبو عنزة (40 عاما): "ما حدث مع آلاء، حدث معي أيضًا. أُصبت في منزلي شرق خان يونس مطلع الحرب، ولولا عناية الله لكنت الآن في عداد الشهداء مع عائلتي. هذا جزء من نمط ممنهج يستهدف الكوادر الطبية وأسرهم في غزة."

ويتابع: "عندما عدت إلى عملي بعد الإصابة، كانت آلاء أول من خفّف عني، وتحمّلت أعباء دوامي. لم أتخيل أنني سأكون أنا من يخفف عنها لاحقًا."

من جهتها، تقول النادي، التي عملت إلى جانب آلاء لخمس سنوات، إنها كانت تعتبرها بمثابة أخت: "الجريمة فجعت الجميع، لكنها بقيت متماسكة. فقدت معظم أفراد عائلتها دفعة واحدة، ومع ذلك، لم تنهَر."

وتختتم النادي بكلمات تختصر مأساة غزة: "في هذا القطاع المحاصر، لا يُستهدف الأطباء فقط، بل تُباد عائلات بأكملها. الكلمات تعجز عن وصف الألم."

 فلسطين أون لاين