شيرين البزم تعيد الأمل لمن فقدوا النُّطق في غزَّة

mainThumb
شيرين البزم تعيد الأمل لمن فقدوا النُّطق في غزَّة

05-06-2025 10:12 AM

printIcon

أخبار اليوم - لم يعد الطفل عبد الرحمن (4 أعوام) قادرًا على النطق، بعد أن خرج من تحت أنقاض منزله فاقدًا كل أفراد أسرته. فالصدمة النفسية والعصبية التي تعرض لها فاقت قدرته -لكونه طفلًا- على التحمل. وتُحاول أخصائية النطق شيرين البزم إعادة تأهيله ليتمكن من التعبير عمّا بداخله.

يُعد عبد الرحمن واحدًا من آلاف الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية مباشرة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وأحد مئات آلاف الأطفال الغزيين الذين يعيشون ظروفًا نفسية غاية في القسوة في ظل الحرب المستمرة على القطاع.

تحاول البزم من خلال مبادرتها "هيا نتكلم بطلاقة" علاج الأطفال المصابين بمشاكل في النطق والكلام الناتجة عن الصدمة بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

photo_2025-06-04_19-19-58 (4).jpg


فبينما يخضع عبد الرحمن لعلاج نفسي مكثف، يتزامن دور البزم في محاولة إعادته للنطق. فيما يعاني الطفل خالد (8 أعوام) من شمال غزة – الذي استُشهد والده أمام ناظريه في مكان نزوحهم بإحدى مدارس شمال القطاع ودُفن في نفس الفصل الذي كانوا يقيمون فيه لمدة أسبوعين بسبب الحصار الإسرائيلي – من حالة صدمة شديدة جدًا، فلا يتكلم إلا ببعض الكلمات المتقطعة ويميل إلى الانطواء.

وتواصل البزم إخضاع خالد لجلسات علاج للنطق، حيث تتعامل مع العديد من الحالات التي تحمل قصصًا مروعة عاشها الأطفال خلال هذه الحرب الإجرامية الوحشية.

وقد دفعت تلك المسؤولية البزم لإطلاق مبادرتها، انطلاقًا من شعورها العميق تجاه الأطفال ومعرفتها الدقيقة بتأثيرات صدمات الحرب على القدرة على النطق والكلام، خاصةً لدى الأطفال باعتبارهم الفئة الأكثر هشاشة في مثل هذه الأوقات القاسية.

وتقول: "الحاجة الماسة لمثل هذه الجلسات باتت واضحة في ظل ما نشاهده من حجم الصدمات النفسية التي تعرض لها الأطفال خلال الحرب، والمشاهد المروعة التي يرونها كل يوم".

photo_2025-06-04_19-19-57 (3).jpg


تشرف البزم حاليًا على عيادة النطق في مستشفى الوفاء للتأهيل، التي أُعيد افتتاحها العام الماضي، وتشير إلى أن مشاكل النطق لم تعد تقتصر على الأطفال فقط، بل امتدت لكبار السن والبالغين، خاصةً من تعرضوا لإصابات في الرأس، لكنها لا تزال أكثر انتشارًا في صفوف الأطفال، خصوصًا من فقدوا والديهم أو عددًا من أفراد أسرهم.

وتلفت إلى أنها بدأت الإعلان عن المبادرة في مركز إيواء مدرسة خليفة بمشروع بيت لاهيا، حيث تم التنسيق مع إدارة المدرسة والإعلان داخل المدرسة ومحيطها الخارجي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتضيف: "وجدنا إقبالًا وترحيبًا شديدين من الأهالي، ما شكل دافعًا أكبر للاستمرار. في بداية المبادرة كنا نستهدف فئة الأطفال من سن 3 إلى 15 سنة، ثم وسعنا نطاق العمل ليشمل جميع الفئات العمرية من الجنسين، خاصة بعد افتتاح عيادة النطق بمستشفى الوفاء للتأهيل".

وتوضح: "جانب من عملي في المبادرة يقوم على الجهد الميداني، من خلال زيارة مراكز الإيواء وإجراء الكشف للأطفال لتحديد من يعانون من مشكلات في النطق، ونضع لهم برنامجًا علاجيًا مناسبًا".

وتتطلع البزم إلى تطوير هذه المبادرة وتوسيعها لضمان الاستمرارية وتحقيق الهدف بشكل أفضل في تقديم العلاج والمساعدة لهؤلاء الأطفال، وتأمل بالحصول على الدعم اللازم لتحقيق هذا الغرض.

لكنها تصطدم بمشكلة عدم توفر عدد كافٍ من الأدوات نتيجة الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. تقول: "هناك مهارات عديدة لعلاج مشكلات الكلام والنطق، بعضها يتم بتقنيات ووسائل متاحة لنا، وأخرى تحتاج لأدوات متخصصة. استطعتُ توفير جزء منها بجهود شخصية، لكن لا يزال ينقصني الكثير من الأدوات التي لم أتمكن من توفيرها رغم أهميتها لعلاج بعض الحالات".

ويمثل النزوح عائقًا كبيرًا أمام استمرارية المبادرة، لكن رغم مرارته وتكراره، صممت البزم على عدم إيقافها، نظرًا للحاجة الملحة التي لمستها لدى الأطفال وذويهم، وكانت هذه المبادرة الأولى من نوعها على مستوى قطاع غزة.

وتتابع: "مبادرتي تنزح دائمًا معي، وحيثما أوجد أبدأ العمل فورًا، مهما كانت صعوبة الظروف من حولي. كنت أتفاجأ بمن أُعالجهم يأتون إليّ بعد النزوح في أماكنهم الجديدة، ويقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام لاستكمال علاجهم، وهذا كان يُحملني مسؤولية أكبر، ويمنحني مؤشرًا واضحًا على أهمية استمرار المبادرة مهما كانت الظروف".

المصدر / فلسطين أون لاين