د.سلطان إبراهيم العطين
مع تسجيل ارتفاع غير مسبوق في حركة حاويات الترانزيت عبر ميناء العقبة بنسبة تجاوزت ١٢٧٪ نتيجة تزايد نقل البضائع الى سوريا، اصبح من الضروري الانتقال من الترقب الى الفعل عبر الشروع الفوري في مشروع سكة حديد حديثة تربط العقبة بدمشق تخدم حركة الركاب وتدعم النقل التجاري بين البلدين. هذا المشروع يمثل ضرورة اقتصادية واستراتيجية لم يعد الوقت يسمح بتأجيلها، تنفيذ سكة حديد تربط الجنوب الاردني بشمال سوريا يحمل فوائد مباشرة في مجال نقل البضائع، حيث يساهم في خفض التكاليف اللوجستية وتسريع عمليات الشحن والتفريغ ويمنح ميناء العقبة دورا محوريا كبوابة لوجستية تربط الخليج ببلاد الشام وحتى تركيا. كما يخفف من الاعتماد على الطرق البرية ويقلل من الضغط على البنية التحتية والازدحام المروري ويرفع مستوى الامان للبضائع ويقلل من التلف والفقد.
في المقابل يشكل المشروع وسيلة نقل متقدمة للركاب تربط بين مراكز حضرية ذات كثافة سكانية كبيرة وتوفر بديلا سريعا وآمنا للسفر بدل الاعتماد على وسائل النقل التقليدية التي اصبحت مرهقة وبطيئة. يسهم المشروع في تعزيز الروابط السياحية والانسانية والاجتماعية بين الشعبين ويخفف من الاكتظاظ عند المعابر ويعيد تنشيط حركة الافراد بين البلدين ضمن اطار من التنظيم والاستقرار،فوائد هذا المشروع تتجاوز الجوانب التشغيلية، اذ يسهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة ويمنح الاقتصاد الاردني دفعة جديدة عبر جذب الاستثمارات الدولية خاصة من الشركات المتخصصة في بناء وتشغيل خطوط السكك الحديدية والقطارات السريعة. كما يدعم التوجهات البيئية من خلال تقليل الاعتماد على النقل البري والحد من الانبعاثات الضارة.
أمام الحكومة فرصة تاريخية لطرح المشروع بصيغ استثمارية مرنة، مثل الشراكة مع القطاع الخاص (PPP) أو نظام البناء والتشغيل ثم نقل الملكية (BOT)، بما يضمن السيادة ويجذب الخبرة والتمويل. من المهم أن ترافق هذه الخطوة إرادة سياسية حقيقية وتخطيط فني دقيق، لضمان تنفيذ المشروع وفق أعلى المعايير
التخطيط المدروس والجدية في التنفيذ سيجعلان من هذا المشروع نقطة تحول في موقع الاردن الاستراتيجي ووظيفته الاقتصادية الاقليمية ،سكة الحديد بين العقبة ودمشق فهي جسر استراتيجي للربط بين المصالح ومحرك للتكامل الاقتصادي ورسالة ان الاردن وسوريا قادران على بناء مستقبل مشترك يرتكز على البنية والسيادة والتعاون. المشروع جاهز ليبدأ والتحدي الوحيد هو تأخير القرار.