صفحة (الإخوان) طُويت لكن ماذا بعد؟

mainThumb

21-07-2025 09:56 AM

printIcon


‏قرار الدولة بطيّ صفحة «الإخوان المسلمين» أصبح واقعاً غير قابل للنقاش، الجماعة المحظورة تم حلها بقرار قضائي ثم سحبت منها الشرعية السياسية، الجمعية المرخصة قررت حل نفسها، أو طُلب منها ذلك، عملية (التصفية) أخذت مساراتها الأمنية والقانونية والسياسية بهدوء، لا ردود أفعال من الجماعة المحظورة حتى الآن، باستثناء محاولات للتسلل من خلال الشارع تحت مظلة غزة.

‏هل أُغلق الملف تماماً؟ أكيد لا، المسار القانوني حول قضية الخلايا الأربعة المتهمة بالتنظيم العسكري لم يحسم، وربما يفاجئنا بوقائع جديدة، ملف الأموال والممتلكات ما زال مفتوحاً، وربما نحتاج إلى وقت أطول لمعرفة ألغازه وأسراره، ملف حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي للجماعة، مازال معلقاً، وربما تكون خطوة حل الجمعية المرخصة لنفسها رسالة موجهة للحزب، أيضاً، لكي يبادر إلى حل نفسه .

‏خلال الأسبوع الماضي، فشلت قيادات حزب الجبهة في إقرار مشروع اقتراح، تبناه نحو 20 عضواً من المكتب السياسي، لإجراء انتخابات شاملة وعامة تعيد هيكلة الحزب، وترمم صورته، وتنهي علاقته مع الجماعة المحظورة، كما فشلت محاولات من داخل الحزب لاتخاذ قرار بحله طوعياً وإنشاء حزب جديد، إصلاح الحزب من الداخل يبدو صعباً، كما يبدو أن الجماعة المحظورة لا تزال تمسك بمفاصل القرار داخل الحزب، ولا تزال تراهن على إمكانية إعادة تطبيع علاقتها مع الدولة من خلاله.

‏لكي نفهم أكثر، قرار إنهاء الإخوان المسلمين بكافة عناوينهم من المشهد السياسي الأردني كان استراتيجيا، الأسباب كثيرة وليس هنا مجال لسردها، كان يمكن للإخوان أن يتعاملوا مع القرار بمنطق القبول والاستجابة المعلنة، كان يمكن، أيضاً، أن لا يجري تصنيف ما حدث في إطار المكاسرة، لا أحد ولا أي طرف، مهما حظي من حضور، يمكن أن يضع نفسه ندّاً للدولة، أو أن يستقوي عليها، لكن يبدو أن بعض القيادات الإخوانية لم تقرأ ما جرى في سياق مصالح الدولة وخياراتها واضطراراتها، ما قد يدفع، ربما، إلى اتخاذ قرارات أكثر قسوة وحزماً تجاه الإسلام السياسي، كما حصل تماماً في دول أخرى.

‏صحيح، عملية الهدم قد تبدو ممكنة وسهلة، لكن تبقى أسئلة ما بعد ذلك صعبة، وبحاجة إلى إجابات، أقصد، مثلاً، سؤال مصير حزب الجبهة وارتباطه بعملية التحديث السياسي وفرضيات الاستمرار بها وإنجاحها، ثم سؤال ترتيب المجال الديني الذي تمدد فيه الإخوان نحو ثمانية عقود، وأصبح خطابهم فيه مؤثراً، ثم سؤال الهوية والشرعية الذي حاولت الجماعة المحظورة أن تسحبه لحسابات خارج السياق الوطني الأردني، ثم سؤال الحاضنة الاجتماعية التي استند إليها الإخوان في إطار ترسيم علاقتهم فيما مضى مع الدولة.. الخ.

‏الإجابات عن هذه الأسئلة، وغيرها، أو تكسير الأساطير التي نجحت الجماعة المحظورة بتحويلها إلى حقائق، تبدو ممكنة وعملية؛ الدولة الأردنية تستمد شرعيتها واستقرارها وصمودها من الأردنيين الذين يؤمنون بها، ومن مؤسساتها وإنجازاتها، ولا تحتاج لمن يقايضها على هذه الشرعية، عناوين مثل الإنجاز والهوية الوطنية الأردنية، والتنمية الحقيقية، وترشيد الخطاب الديني، واعتبار الأردن المركز والأولية، والمواطنة هي الفيصل، تشكل جزءاً من العناوين التي يجب أن تستدعيها إدارات الدولة في هذه المرحلة لتعزيز بناء الأردن الجديد.