تصريح نائب بأنّ المواطن يرى النائب بنكًا لتحقيق أحلامه يثير جدلًا واسعًا

mainThumb
تصريح نائب بأنّ المواطن يرى النائب بنكًا لتحقيق أحلامه يثير جدلًا واسعًا

27-10-2025 10:34 AM

printIcon


أخبار اليوم -   أثار تصريح لأحد أعضاء مجلس النواب الأردني، قال فيه إنّ «المواطن يرى النائب بنكًا لتحقيق أحلامه»، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، لما يحمله من دلالات حول العلاقة بين المواطن وممثليه في البرلمان، في وقت تتصاعد فيه التساؤلات حول أدوار النواب بين التشريع والرقابة والعمل الخدمي والاجتماعي.

فقد اعتبر مواطنون أن هذا التصريح يكشف عن نظرة استعلائية لا تليق بعضو في مجلس النواب، خاصة في مرحلة يعيش فيها الأردنيون ضغوطًا معيشية واقتصادية غير مسبوقة. ورأى كثيرون أن مثل هذه التصريحات تمسّ بصورة البرلمان وتعمّق الفجوة بين الشارع والمؤسسة التشريعية، مؤكدين أن المواطن لا يطلب من نائبه سوى أن يكون ممثلًا صادقًا لهمومه وصوته في مواجهة السياسات الحكومية التي أثقلت كاهل الطبقة الوسطى والفقيرة.

في المقابل، دافع آخرون عن النائب معتبرين أن ما قاله لا يقصد به الإساءة، بل هو توصيفٌ لواقعٍ مؤلمٍ تشكّل عبر سنوات طويلة، حيث انحرفت العملية الانتخابية عن جوهرها، وأصبحت كثير من الحملات تعتمد على البعد الخدمي والشخصي لا على البرامج والمواقف السياسية. وأشار هؤلاء إلى أن بعض المواطنين بالفعل باتوا ينظرون إلى النائب كوسيلة لتسهيل معاملة أو تأمين وظيفة أو تغطية نفقات علاج، وهو ما حوّل النائب من مشرّع ورقيب إلى وسيط اجتماعي.

ويرى مراقبون أن هذه الحادثة تعكس أزمة متجذّرة في الثقافة السياسية الأردنية، نتجت عن غياب الحياة الحزبية الفاعلة وضعف التربية السياسية على مفهوم الدولة والمؤسسات. فالنائب اليوم يجد نفسه أمام ضغطٍ مزدوج: من جهة مطالب الناخبين اليومية، ومن جهة أخرى مسؤولياته الدستورية في التشريع والرقابة، ما يجعله عالقًا بين دورٍ تمثيلي شعبي ودورٍ وطني مؤسسي.

ويشير سياسيون إلى أن استمرار هذا الالتباس في تعريف وظيفة النائب، يهدّد بتآكل صورة البرلمان في الوعي العام، ويجعل من الصعب ترسيخ الثقة الشعبية بمجلس الأمة كمؤسسة دستورية مستقلة تمارس صلاحياتها بعيدًا عن الحسابات الشخصية والمناطقية.

كما شدّد محللون على أن الإصلاح السياسي لا يمكن أن يتحقق دون تغييرٍ حقيقي في الوعي المتبادل بين المواطن والنائب، فالمواطن مطالب بأن يدرك أن واجب النائب هو الدفاع عن التشريعات العادلة ومراقبة الأداء الحكومي، وليس تقديم المساعدات الفردية، فيما يُفترض بالنائب أن يدرك أن قوة موقعه تأتي من تمثيله الصادق لا من الخدمات التي يقدّمها لمجموعة محددة من الناخبين.

ويخلص مراقبون إلى أن هذا الجدل يجب ألا يُختزل في تصريحٍ عابر، بل يجب أن يكون مناسبة لإعادة فتح النقاش حول مستقبل العمل النيابي في الأردن، وأهمية ترسيخ العمل الحزبي البرامجي، وبناء ثقافةٍ وطنيةٍ تؤمن بأن البرلمان ليس بنكًا للأمنيات، بل بيت الإرادة الشعبية، وأن النائب هو صوت الأمة لا محفظة مالية لتحقيق الطلبات.