مقابلة تكتب: طقوس استقبال المولود الجديد من الماضي

mainThumb
طقوس استقبال المولود الجديد من الماضي

03-12-2025 04:00 PM

printIcon

عالم يتجدد يومياً ويسجل تغييرات في كافة الميادين والمجالات الأخذة بالتأثر بالعولمة وبالتقنية وغيرها من الأمور، تبقى هناك زاوية داخل كل منا يلجأ إليها بحثاً عن ذكريات جميلة مازالت تدغدغ قلبه وتعيد الابتسامة إلى شفتيه .

وعادة ما تكون هذه الذكريات مرتبطة بالمخزون التراثي والشعبي لمجتمعاتنا التي تتميز بالشفافية والتلقائية والوضوح . وأحياناً نلجأ إليها بالرغم من حداثتنا لتكون الحل المناسب في علاج طارئ ما على الصعيد الاجتماعي أو الصحي وغيره
وعادات وتقاليد استقبال المولود تعد من أكثر العادات ثراء وتنوعاً وجمالاً كونها تحتوي على الكثير من الفرح والأمل وكان لها أهمية كبيرة لدى الجيل السابق الذي كان يعد العدة لمثل هذا الحدث
إذ تعم الأفراح الأسرة الممتدة . وبعض الأمور اندثرت في احتفالياتنا بالمولود وربما نستعين في الاحتفال بأسلوب جديد أفرزته الحضارة والمدنية

الغاية من الزواج قديما وحديثا وفي كل الشرائع والأنظمة الأنجاب وتكوين أسرة حيث أنه الوضع المقبول للتكاثر البشري ضمن قيم وضوابط الاسره
وكما فرضته الشرائع السماوية .

بعد الزواج بأقل من شهر يبدأ حديث الناس ، وتكثر الأسئلة أن كانت العروس حامل ام لا رغم صغر سنها ! العادات والتقاليد وحب التكاثر والنسل لا يعذر الصغيرة أو الكبيرة

رغم أنه كان الزواج في سن صغيرة للفتاة .. إلا أنه كان يحدث الحمل ونادرا ماكانىت تتأخر بعضهن ، وإن تأخرت ولو شهرا واحدا تبادر حماتها بأخذها للعلاج عند الدايات (القابلات ) ونساء يعالجن بوصفات شعبية ..

يحدث الحمل !!
والفرحة لاتوصف لعائلتي حديثي الزوج ..من هنا الاطمئنان أن الزوج والزوجة لديهم القدرة على الإنجاب وهذا أمر اجتماعي مهم للغاية في المجتمع وغاية في الأهمية

الحامل لاتتمتع بإعفاء من الأشغال الكثيرة والشاقة والمتعبه التي تقوم بها العائلة ، بل تشارك في جميع الأعمال خارج المنزل أو داخله ويزيدها الحمل حماسا للعمل للتدرب على أنها أصبحت امرأة وأما منتظره وسيبقى عليها أعباء يجب أن تجتازها بنجاح ..ولا تعرض نفسها الحامل على أطباء الا في حالات نادرة ، وان اضطرت المعالجة يكون عند داية القرية .

_الوحام _

الوحام أو الوحم والوحمى هي الشهور الثلاثة والنصف الأولى من الحمل ..بغض النظر عن الجانب الصحي والتغيرات الفسيولوجية التي تحدث للوحمى !
سأطرق هنا جانبا من الاهتمام الذي تتلقاه الوحمى في التغذية وخاصة من قبل زوجها
فالكل يراعيها ويهتم في خصها بطبق ، والزوج يبحث عن كل ماتشتهيه وتطلبه الوحمى ولو كان في أقصى مكان ..يبقى يسأل ويبحث عنه حتى يجده ويقدمه إليها ، حتى وإن كان ثمنه غاليا جدا

وذلك الاهتمام ناتج عن أن هذا واجب على الرجل اتجاه زوجته حتى وإن كان قاسيا عليها!

كذلك كان هنالك اعتقاد عند الناس أن ماتشتهيه المرأة يظهر كعلامة على جسم المولود بعد الولادة ، واحيانا يُحدث تشوهات خلقية
وهنالك مشاهد حاضرة عن أشخاص ظهرت على أجسامهم أشكال خضروات أو فواكه (خيار ..تفاح .. خوخ ..حبة قهوه ..كبده ...الخ ) يفسرون أن سبب هذه العلامات مااشتهته المرأة في مدة الوحام ولم تجده ... وبقي في نفسها يظهر كعلامة على فى المولود تبقى ملاصقة له طول حياته وهذا بنظرهم (خطية وتقصير من الزوج تجاه زوجته دفع ثمنه ابنه وفلذة كبده )
علما بان الرأي الطبي مخالف تماما لهذا الرأي في الموروث الشعبي ، ويعزي ذلك أن السبب في ظهور هذه العلامات (الوحمات ) هو تجمع لخلايا دمويه هرمه كونت ذاك الشكل المزعوم أنه وحمه !

-الاستعدادات والتجهيزات والتحضيرات التي تتم قبيل الولادة _

تقضي المرأة الحامل مدة حملها حياة روتينية عاديه ، بل في الأشهر الأخيرة تزداد نشاطا وهمة عاليه كثقافة تعلمتها أن في الحركة تسهيل الولادة على عكس نسوة اليوم !؟

تبدأ الام الحامل بالتحضيرات للولادة بمساعدة والدتها وحماتها وغيرهن !

إذ تقوم بشراء وإحضار التجهيزات اللازمة للمولود والام ...وما يلزم الولادة

وأهم ماتقوم به هو شراء أقمشة من الخام الابيض وتفصيلها كملافع وكفليات للمولود

فيتم شراء بضع أذرع من قماش يسمى (,صوف ربيعي ملون وساده ) ويتميز هذا القماش بنعومة ملمسه لتناسب نعومة جلد الرضيع ، ويعطي البرودة في الصيف والدفء في الشتاء..عدا عن خاصيته في امتصاص الرطوبة والعرق وسهولة غسله وتنظيفه

..ثم تقوم خياطة القرية بخياطة عدة أثواب داخليه وخارجية للمولود من قماش (الصوف ربيعي ) واحيانا كان إذا تزامن اقتراب ولادة امرأة مع جهاز إحدى العرائس من قريباتها لعرسها .. تقوم العروس بشراء قليلا من أذرع القماش إضافية لتقديمها للمرأة الحامل لمولودها مما يدخل البهجة والسرور لقلب الأم التي تنتظر مولودها الجديد

كذلك يتم قص قماش الخام الابيض والذي يسمى "موصلي "نسبة إلى مدينة الموصل في العراق أو "المنصوري "نسبة إلى مدينة المنصورة في مصر ،يتم قصه للملافع (تلفيع المولود من الخارج ) على شكل مربع طول ضلعه متر فأكثر ، وقص الكفليات على اشكال مربعة ومستطيله طول ضلعها يساوي نصف طول ضلع اللفاع
تكون عدد الكفليات فوق العشرون أما للملافع الخارجية لايتحاوز أربعة
وكذلك الملابس الداخلية والخارجية يخصص اثنان أو الثلاثة أو أربعة .. منها للمولود وبحسب الفصل أن كان شتاءا أو صيفا ، حيث يزداد عدد قطع جهاز المولود في الشتاء ، لمنح الدفء للمولود وفي الجو الماطرا تتأخر الملابس حتى تجف لغياب اشعة الشمس بعض الوقت !
وكذلك يحضر للطفل حرام او اكثر خارجي يلف فوق الملافع لتدفئته وسهولة حمله وكي لايتعرض (للملع أو البعج ) مايشبه الشد العضلي ويكون سبب لآلام الطفل وكثرة عياطه وازعاج والدته
وعند الاشتباه بوجود ملع أو بعج تأتي امرأة مختصه بالطب الشعبي وتقوم بتمتينه ودهنه بالزيت كي يرتاح ..مايشبه المساج الطبيعي !
وقبل الولادة تقوم الأم الحامل أو إحدى قريباتها بنسج بعض القطع من الصوف يدويا بواسطة السماره أو السياخ من خيوط الصوف الصناعي الملونه مثل :
حرام أمات ومفارش..جرابات ..قفازات ...طواقي ..

ومن التحضيرات والتجهيزات التي تحضرها الام والأسرة قبيل الولادة السرير الخشبي ويكون من الخشب الخفيف ..مستطيل الشكل مجوف من الاسفل لوضع المولود فيه أثناء نومه ومن الجهتين له مايسمى
(رواسيات )على شكل بيضوي أو مدبب ترتفع حوالي نصف متر وتتصل بهما خشبة من من الاعلى بموازاة منتصف السرير بقطر قبضة اليد للهز بالمولود حتى ينام

كذلك يتم تنجيد فرشه ولحاف وعدة مخدات من الصوف تناسب حجم سرير المولود ، ويتم تفصيل وجوه خارجية لها وتطريز المخدات يدويا تقوم به الام أو إحدى قريبات المولود الماهرات ويكتب بالغرز عدة عبارات مثل :
نوم العافية ..ونوم الهنا ..واحلام سعيدة وغيرها
كما ويتم تحضير مقمطة السرير من قطعة قماش تثنى على طبقتين وتبطن من الداخل بطبقة أو أكثر من القماش القديم لتقويتها ويتم خياطتها يدويا بإبرة الخياطة أو على الماكنة في حال توفرها ثم
يتم عمل ثقبان متباعدان بعرض مقمطة السرير وتوصيل قطع من القماش الرفيع وتثبيته مع مقمطة السرير ثم إدخاله وربطه مع الثقوب التي أعدت في وسط السرير من الجانب ..
وتكون الام قد أعدت مايسمى (مرير المقمطه او السفيفة )
وطريقة عمل المرير أو السفيفة تكون ..بصبغ الصوف بعد تنظيفه وبرمه حول المغزل الخشبي.. تقوم الام بجدل المرير بما يشبه الضفيرة ، وترك مايعادل الخمسة عشرة سنتمتر من طرف المرير الغير متصل مع مقمطة القماش وتفتيحها ونفسشها..ليشكل مايسمى (شربوشه )
يوصل المرير بالمقمطة يدويا بابرة الخياطة .

والغرض من المقمطة والمرير المتصل معها هو لفها فوق لحاف المولود أثناء نومه في السرير لتثبيته وتجنبا لسقوطه أثناء الهز... أو اذا عبث به الصغار

وكانت الام تزين قماش المقمطة ببعض الخرز الملون لتزهيته وإضفاء البهجة والفرحة بقدوم المولود ، وكذلك يزين مقبض السري ..وله اسم آخر وهو "فرس السرير " تزينه ببعض الخراخيش والدناديش التي تصدر صوتا عند حركتها ليلهو بها المولود !

ومن استعدادات الولادة التي كانت شائعة عند الأسر قديما تجهيز البيوت وتنظيفها تنظيفا شاملا من الداخل والخارج ، احداث تغيير ببعض مقتنيات المنزل لكسر الروتين ، وإضفاء شيئا جديدا ممتعا من باب التغيير

وكانت الام تحضر بعض الملابس القليلة الضرورية اللازمة والتي تحتاجها الولادة

ومن الأشياء الهامة والتي تحرص الام على تجهيزها قبيل الولادة للمولود :
(الحرث )
والحرث هو تراب أحمر يتم أخذه وتنخيله من بيت " الخلد " ليتم وضعها على جلد المولود تحت الكفلية لمنع تهيج والتهاب جلده..!
إذ يفسرون هذه الظاهرة أن التراب يمتص فضلات الطفل فلا تؤذي جلده وتهيجه !
وكذلك تحضر الام لنفس الغاية (الصنوبر )والصنوبر يتم تقشيره من لحاء شجرة الصنوبر ومن ثم تجفيفه ، وبعدها دقه حتي يصبح ناعما ..ثم ينخل ليشبه الدقيق ويتم وضعه بنفس طريقة الحرث ..مع الحرص على صحة لمولود ، وعدم تسربه لملابس المولود الخارجية ، وذلك باستخدام قطعة من النايلون الشفاف فوق الكفليات تعمل عازلا بينها وبين ملابس الطفل الخارجية كي تبقى طاهرة وجافة في حال حمل الطفل ومسكه .

_الأعشاب الطبية _
وتحرص الام على تحضير الاعشاب الطبية لاستعمالها في علاج المغص الذي يصيب حديثي الولادة ، وكذلك الولادة الام ..
مثل اليانسون والبابونج والفوة ..واهم شيء (السَقيٕة ) والسقية خليط من المرمكة والعنزروت وهما عشبتان يتم شراؤهما من عند العطار تعمل على مساعدة الطفل على الهدوء والنوم وسهولة التسنين ، وهنالك مقولة أن السقية :(بتثقل راس المولود ) اي تجعله يغرق في النوم !

_الحلوى _
يقوم الزوج بشراء الحلوى المختلفة من التوفي والفيصلية والمخشرم والقرفة لتقديمها مشروبا ساخنا للنسوة والضيوف عند قدومهم للتهنئة بالمولود الجديد

أثناء الحمل تكون الحامل مراقبة من النساء للحكم عليها أن كانت حامل بذكر أو أنثى !! وتكون الدلالات من خلال الأصناف الغذائية الذي ترغب الحامل في تناولها ، أو شكل الجسم وما الى ذلك ...
ومن المألوف ان الناس تحبذ الذكر أكثر من الانثى كمجتمع ذكوري !

_اقتربت الولادة !!
ذلك الحدث السعيد الرهيب وقد أنهت المرأة الحامل بمساعدة الجدات والخالات والعمات والوالد للمولود من كافة التجهيزات الواجبة للولادة
وعندما تتأكد القريبات بإن الحامل بدأت عندها فعلا آلآم الولادة ..يذهب أحد الأشخاص وقد يكون الزوج نفسه أو العم أو السلف على إحضار داية القرية (القابلة )والتي تكون على أهبة الأستعداد للحضور فورا ومهما كانت الظروف والوقت والجو وبُعد المسافة ، وكذلك نسوة الحارة يحضرن على عجل لمساعدة الولادة !

تأتي الداية أو القابلة ومعها أغراضها الخاصة .. التي تستخدمها عند الولادة مثل الشفرة لقطع الحبل السري والفتله لربطه !
عند الولادة يترك الزوج البيت ، ويتعمد الخروج من البيت او الذهاب لأعماله المعتادة في الحقل أو البيدر أو الرعي...
وخروج الرجل من المنزل لإعطاء النسوة الحرية في الحركة والتنقل في أركان البيت لأن مساعدة الولادة يتطلب ذلك
كان بعض الاعتقادات عند الناس إذ تقوم الداية بلف "مسبحة اليسر" حول جسم الولادة كاملا .. وخرزها مصنوع من عقيق البحر الاحمر ، لاعتقادهم أن مسبحة اليسر تسهل الولادة ..وقد يكون لذلك تأثيرا نفسيا على الولادة ينعكس في سهولة وسرعة الولادة فعلا !؟
حان الوقت ..وجاء المولود وسط تمعن الولادة في وجه البدايه .. أن كان ذكرا تظهر البشاشة على وجهها ..مع مراقبة النسوة ولهفتهن في معرفة جنس الجنين ؟

يافرحتاه !!
إن كان ذكرا تنطلق الزغاريد وتعلو لتصل كل بيوت القرية وتفزع النسوة لحضور الحدث السعيد والمباركة وأخذ نصيب كل واحدة من الحلوى
والمحظوظة تلك التي تذهب راكضة تسابق الريح إلى الوالد اينما كان لتبشره وتأخذ البشارة بقدوم ولي العهد ، وخاصة أن كان أول مولود أو بعد ولادة عدد من البنات ...ويرتفع البارود ويرش الحلوى بسخاء ...ويافرحة الجدود تصل لسكب دموع الفرح ...والجدات يشرعن بالدعوات ...والعمات والخالات والصديقات ...وجميع الأقارب والجيران !

أما إن كانت انثى !!ظل وجهه مسود وهو كظيم ..يتوارى من القوم من سوء مابشر به !!
وتكثر عبارات جبر الخاطر :
_الحرمة ولا الحريمه
_كل مولود ولد
_الحمد لله على نعمة الانجاب
_الحمد لله على فى سلامة ام العيال
_الحمد لله على سلامة راس المال

وقد يتم احيانا ذبح ذبيحة تسمى (وليمة المولود ) فرحا واستبشارا بقدوم المولود وشكرا لله.. لتعم الفرحة للجميع

نساء الحي يفزعن للقيام بالطهي وتقديم (شواه من أطايب الذبيحة مع المعلاق ) كأول غذاء للنفساء لتعويض الفاقد من الدم الذي خسرته في أثناء الولادة ، وهنالك مثل يقال عن غذاء النفساء :
"مابرُد الدم ,غير الدم " اي لايعوض الدم الذي نزف أثناء الولادة الا اكل اللحم !

بعد الولادة باسبوع تبقى النفساء في حالة إعفاء تام من العمل إلا في حالات فرديه ..

إذ تقوم مجموعة النساء القريبات والجارات بالتناوب على خدمتها يوميا بترتيب الدور بينهن اتفاق نظري غير موثق ..ولكنه ملزم كقانون اجتماعي نظري
إذ أنها عادة جرت بين النسوة على خدمة الولادة لعدة أيام تقدمها جميع النسوة ويعتبرنه من باب الاجر والتقرب إلى الله !

وكذلك عمل طعام يومي للنفساء بالحرص على عمل وجبة الغداء يوميا وبالدور من كل بيوت الأقارب والجيران
أما الفطور فتتسارع كبيرات السن منذ طلوع الفجر كل واحده بعمل" قرص عجه "أو "معيسه" بالزبده أو السمن البلدي والسكر وتقدم كفطور للنفساء

وكان غذاء للنفساء خاص ومميز والكل يبادر من عنده .. يتشاركون أهل القرية احيانا لكسب الود والأجر.. لتقديم الاطباق واللحوم والحليب والسمن البلدي والبيض للنفساء والحلوى والفواكه من انتاج كرومهم وبساتينهم

من الصباح الباكر تقتض وتزدحم غرفة النفساء بالحاضرات للتعبير عن المشاركة والفرح بقدوم المولود ، خاصة أن كان ذكرا وعلى سلامة الام ويتصرفن وكأنهن في بيوتهن وكل واحده متحمسه لتقديم اي خدمة تريح فيها الولادة وتحرص على خدمتها .

ويتم الاحتفال في اليوم السابع من عمر المولود، حيث تقوم النساء منذ الصباح بمساعدة النفساء على الاغتسال، و يستعملن بعض الأعشاب مثل الخزامى، أو الشيح، والقيصوم مع ماء الغسل، ومن ثم تبخيرها بحرق عيدان الدفلى، لتلبس بعدها الملابس الجديدة وتتزين .

_البكيله _
"البكيله" تلفظ الكاف بالعامية ch تتكون من القمح المقلي ومن ثم يتم دقه بالمدقة أو الهاون النحاسي ويفاف له السكر وقليلا من الزيت ويرش عليه الماء ويخلط جيدا ويتم تناوله بالملعقة تتناوله المرأة المرصع إذ يساعد على ادرار الحليب بكميات وغيره تكفي الرضيع وتزيد
وكانت المرأة الحامل تقوم بتحضير البكيلة قبل الولادة وذلك بقلي القمح ودقه ويحفظ جافا كي لايتعرض العفن ..أما خلطه بالماء والسكر والزيت فيتم إضافته حين تناوله .

_العناية بالمولود الجديد
عندما تتم الولادة تتلقاه القابلة بكلتا يديها على قطعة قماش ثم نقوم بقطع الحبل السري بالشفرة التي تحضرها معها ثم تربطه بالفتله بحرص وحذر شديدين
أما النساء فيساعدن الولادة في تغيير ملابسها وربط حزام على منطقة البطن لشد البطن من الترهل ..ثم تنام النفساء على الفراش الخاص الذي تم تجهيزه للتو من إحدى الحاضرات

وتقوم الداية بعمل حمام للطفل بالماء الساخن والصابون ..وتلبسه وتقمطه بالكفليات والملافع ووضع مايسمى بالمقمطة حول لفاعه ؟

(المقمطة ) يتم تحضيرها من قماش ابيض خفيف ناعم ..ويقص على شكل مربع ثم يتطابق على شكل مثلث ويتم ثنيه بشكل قطري موروب ليكون شكلا انسيابية بعرض عش سنتمتر من الوسط وأطراف رفيعه لاتتجاوز الواحد سنتمتر لربطها بعد إنهاء عملية لف المولود

_القماط _
يتم لف الطفل بقطع قماش كبيرة تسمى القماط بدءاً من الأكتاف حتى أسفل قدميه كي يكون عوده مظبوطاً ويبقى كذلك حتى بلوغه عدة أشهر وقد يستمر لعام وخاصة عند النوم ، كانت العادة أن تكون كل ملابس الأطفال باللون الأبيض للجنسين الأولاد والبنات أما جهاز الطفل ضمن المتعارف عليه أن تشتريه بالكامل أم الحامل جدته لأمه
إذ توضع الجهة العريضة من منتصفها أسفل الطفل عند الاكتاف وتلف من الجانبين وتربط أعلى قدمي الطفل نهاية القدم من الاعلى !

وفي عملية القماط تتم بدقة متناهية إذ تحرص المرأة على شد ومد جميع اجزاء جسم المولود وتثبيتها ولف المقمطة لقولهن لايطلع (افكح أو افدع أو أو .. ) بهدف استقامة جسمه ، وبنيته بنية سليمه ومتينه !

وعند فك القماط يبدأ المولود بالعطاس والتبول ويتماطأ من قوة الرباط وصغطه أثناء التقميط !

كان للمولود الجديد طرق اهتمام متوارثة لايمكن لأحد أن يحيد عنها مثل :
_ الملح _
وهو عمل اجباري في العادات الاجتماعية للطفل ..
وطريقته غلي الماء والملح وبعد أن يبرد يتم غسل كل أجزاء جسم المولود مع التركيز على اسفل الابطين وبين اصابع القدم واليد حتى يصل الفم والأنف وكل اماكالجسم
مع الحرص والحذر من أذى العينين
يتم التمليح للمولود ثلاث مرات ..وبعد كل تمليحة بساعتين تقريبا دهنه بزيت الزيتون ليخفف اثار الملح عن جسمه
تكون عمليه التمليح بالتناوب يوم بعد يوم ..ومن ثم يتم تدليك جسم المولود بالعجينة المعدة من دقيق القمح مع الزيت إذ تحرص أحدي المتخصصات وجسورات القلب بدلك المولود بالعجينة والزيت عدة مرات لإزالة الخلايا الميتة من أثر التمليح ولطراوة جلد المولود ولمعانه
وبالفعل بعد عمل حمام الطفل المولود بعد مرات الملح ودلكه بالعجينة يصيح جسمه غضا لامعا ويبدو الطفل اجمل ، وخاصة بعد تكحيله بالكحل العربي المصنع يدويا ووضع نقطة من الكحل بين حاجبيه ..لاعتقادهم أنها تمنع العين عن المولود وخاصة أن كان ذكرا، وان كانت انثى للزينة

بعدها يتم استعمال ملابس جديدة للطفل غير الخاصة بالملح .. لم يتم استعمالها سابقا للمحافظة عليها كي لا يتأثر لونها من الملح والعجين والزيت
عندها يبهج الطفل ويكون محببا للنفس أكثر وتزداد فرحة والديه وأقاربه بمظهره البريء الجميل .

_طريقة عمل الكحل العرلي منزلياً
يتم شراء حجر الكحل الاسود من عند العطار وزن اوقية أو نصف أوقية ، ثم يوضع داخل قطعةىقاش قديمة أو داخل نصفي الليمون المعصورة ويشوى في (ساس فرن الطابون )
...بعدها يتم تحميص نوى الزيتون والتمر ثم دقها جميعا بواسطة (المدقة الثقيلة ) على فترات حتى تصل إلى درجة من النعومة

وبعدها يتم سحن الكحل اي طحنه بواسطة قطعه من الحديد شكلها يشبه شكل المسمار ولكن اكبر!!
قطرها يساوي الثلاث سنتمتر ومقبضهاحوالي خمسة عشر سنتمتر
يتم سحن الكحل على فترات متباعدة ولعدة ايام كي تصغر حبيباته أكثر واكثر ..

وعندما تصبح ذراته بحجم ذرات الدقيق يتم "ندف "وهي اصعب واطول مرحلة إذ تمرر ذراته من خلال قماشة سوداء اللون من قماش الشيفون بواسطة أداة السحن والندف ولا يمرر منها إلا الذرات الدقيقة جدا والتي تصبح الكحل العربي المتعارف عليه اليوم

_الرضاعة عند المولود _
تحرص الام على إعطاء رضيعها حليب اللباء وهو الذي يتكون عند الولادة في أول ثلاثة أيام بعد الولادة ، لما له من فائدة صحية كبيرة تنعكس على صحة الطفل وتكون البداية لأدرار الحليب الطبيعي إذ كانت النسوة تعتمد اعتمادا كليا على الرضاعة الطبيعية ، ولا تعرف لها بديل أو تفكر بغيرها اطلاقا ..
الا بعضا من مغلي الاعشاب كاليانسون والماء والسكر والبابونج والفوه وغيرها ! والفوة عشبة تباع عند العطار ، تكون على شكل أعواد حمراء ، وعند غليها يكون المغلي لونه آحمرا غامقا تشربه الولادة والمولود ويقال إن ينظف أمعاء المولود ويوسعها ويقضي على المغص الصغير ، وكذلك الام !
وفي بعض حالات تحدث مشاكل تعيق عملية الرضاعة للمولود من والدته فتلجأ الأمهات إلى رضاعة المولاد من مرضعة أخرى ، وهذا كان شائع من أيام الجاهلية وقبل وبعد الاسلام !

لكن في حالة اللجوء للرضاعة من مرضعة أخرى يجب التوثيق والتسجيل !!
أن فلان رضع من فلانه لتجنب زواج الإخوة من الرضاعة عند سن البلوغ
إذ وجدث الكثير من القصص في تزاوج بين إخوة الرضاعه وهذا ماحرمه الاسلام ، ويتم إنهاء الزواج عند معرفة حقيقة إخوة الرضاعة ..ليعودوا تربطهم علاقة الإخوة فقط

وفي القديم معظم الزواج كان من الأقارب والجيران ،وكانت إذا امرأة مرضعة غادرت منزلها أو مرضت أو توفيت.. يسد مكانها الأخريات في رضاعة الرضيع لانه لايوجد بديل حليب صناعي كما في أيامنا هذه .

_مغنيات كانت تردد للاطفال الرضع _
الاطفال الصغار محببون إلى النفس البشرية وخاصة الذكور وكان يقال عنهم "خضره للقلب ' اي يدخلون السرور للقلب !!

وكانت هنالك مغنيات وتراويد واشعار تردد عليهم ويتم ملاعبتهم بها ..بتفاوت من امرأة لأخرى إذ يكون بعض الأمهات مشهورات ومبدعات في ذلك وبعضهن لايعرف شيئا في هذا المجال
ومن بعض ماتسعفني به الذاكرة في حفظ مغنيات للاطفال ..
قولهن وترديدهن :

يالله تنام ..بالله تنام
تاذبح لك جوز الحمام
رح ياحمام لاتهديش
بضحك على ...تاينام

وهناك اقوال اخرى تسمى "زغاوين "
كلنا بالخدمه ليك
يادالي بيك
كان الجزمه مفروطه ياحنونه
لاقطبها برمش عيوني ،ياعيوني

ميه نزف ..وميه تحف .. وميه تباري هودجها

ويقال أيضا :
الله يفضي بالك يالعاب الربابه
سليتني ياولد عن هيلي والقرابه

وهناك مقولة :
والضُمر غارن منك
والحُبل ماجابن زيك !

اي المرأة العقيم غارت منه والولاود لم تنجب مثله !
وكانت النساء تدلل الرضيع بشك الخرز وعمل القلائد والأساور والتعليقات (كالتمائم ) من اللون الازرق وتلبسه إياها لرد العين وطرد الشياطين عن الصغير
ويذهبن الأمهات عند بعض المشايخ ويسمونه (الفقير) لكتابة ورقه تسمى (الحجاب ) ويتم تغليفها النايلون ومن فوقها قطعة قماش ملون وتثبت بمشبك على ملابس الطفل لاعتقادهم أنها حرز ووقاية من الشر و.....



_تسنين الطفل _
هنالك مثل يقول :
(لو عرفت ميماتي ماجرالي عند سنيناتي ، كان حضرت لي كفيناتي )
تراقب الام بروز أول سن عند الطفل باهتمام جدا ..وفرحتها لاتوصف عند لمسها ومشاهدتها اول سن
وكانوا يحذرون الام من عدم فرك أو لمس لثة الطفل للتأكد من بروز أسنانه ، ويفضل أن تكون العمة أو الخالة أو الجدة وتقول عند لمس اللثة :
(فربتك ، وما ضريتك ) اي فرك اللثة بالضغط عليها لمراقبة بروز السن
عند التسنين تستخدم الام عدة وصفات شعبية لتخفيف آلام ومشاكل التسنين وتستخدم شرائح البصل لفرك اللثه
وكذلك تدليك اقدام الطفل بشرائح البصل لأنها تساعد على التخلص من معاناة التسنين عند الأطفال

وعند بروز أول سن تقوم الام بعمل سليقة القمح وخلطها بدبس العنب أو الزبيب وتوزيعها في صحون على الجيران ، تيمنا وفرحا ببروز أول سن ، وكذلك تقدم جزء من القمح لصيصان (صغار الدجاج )

اول عام من عمر المولود حاسم جدا وعلى الأم تحمل المسؤولية الكاملة تجاه طفلها مع الأخذ بتوجيه ونصح وإرشاد ذوات الخبرة وكبيرات السن

وكان الطفل غالبا يبدأ المشي عند اكمال سنة من عمره ، ويقال :
على الحول بدورج !؟
اي يبدأ يمشي مشيا بطيئا ، وهنا يقال طار شره ..اي كبر وبدأ في اللعب مع أقرانه وتركه يمشي خارج الغرفة

 

أم عامر مقابلة