ملف الكلاب الضالة .. من الأحق بالرفق؟

mainThumb

22-02-2023 10:28 AM

printIcon

تخطئ الحكومة في تعاملها مع ملف الكلاب الضالة الذي يجمع الشارع على اعتباره أزمة متفاقمة تخطت الأضرار الصحية إلى مجالات أمنية واقتصادية. وتلامس الجهات الرسمية المختصة موقف بعض الجمعيات ذات التمويل الخارجي فيما يخص هذا الملف، وبما يتقاطع مع متطلبات الواقع المؤلم الذي تحول إلى شكوى بطعم المعاناة على مستوى المملكة بريفها ومدنها وبواديها ومخيماتها.

فالتوصيف الرسمي لهذه القضية يتجاهل الكثير من العناصر ويتعامل معها من زاوية” الرفق بالحيوان”، ويلقي بالمسؤولية على المواطن في حمل تبعات الملف المتزايدة، والتي لا تبدأ من حالات العقر فقط، والتي تصل ـ بحسب معلومات رسمية ـ إلى سبعة آلاف حالة سنوياـ . ولا تنتهي ببث الرعب في نفوس العامة، داخل المدن وخارجها، وفي كافة المناطق.

أما جمعيات التمويل الأجنبي فتسهب في شرح” الألفة” التي تميز تلك الكلاب وتلخص القضية بما يشبه الاتهام لعامة الناس بأنهم غير قادرين على التعامل مع” الكلاب الضالة”، وتطالب بتدريبهم على التعايش مع قطعان تبث الرعب في نفوس المارة كبارا وصغارا، وتنتشر داخل الاحياء وفي الريف والمزارع وفي كل مكان.

فالشكوى تتزايد من تحرش الكلاب بالمارة ومنهم الأطفال. وتتخطى ذلك إلى العبث بالمزروعات التي يعتمد عليها سكان الأرياف في جزء من متطلباتهم الغذائية، وبعض نفقاتهم، وتدمر تلك المزروعات أو تلوثها بوسائل مقرفة. ومن تلك المزروعات ـ في هذا الموسم ـ الخضار الورقية في محيط المنازل، وكذلك البقوليات كالفول الأخضر والبازيلاء وغيرها خارج وداخل الحدئق. كما أنها تنشر التلوث تحت الأشجار وفي كل مكان، بحكم انتشارها كقطعان، وبحثها عن الغذاء في محيط المنازل.

تقول الحكومة أن البلديات مكلفة بالتعامل مع قطعان الكلاب، وتشير إلى مشروع لإقامة محميات متخصصة وإلى عمليات تعقيم تجرى لها، بهدف الحد من تكاثرها. بينما يشير الواقع الى أن البلديات عاجزة عن إقامة تلك المحميات، وعن إجراء عمليات التعقيم اللازمة.

فالبلديات تعاني من مديونية تتخطى مبلغ 350 مليون دينار. ومن تراجع في حصتها من عوائد المحروقات نتيجة تقاسمها مع مجالس الخدمات المشتركة ، وبالتالي فهي عاجزة عن توفير قطعة أرض مناسبة وتجهيزها كمحمية للكلاب. كما أنها عاجزة عن توفير الكوادر البشرية اللازمة لتعقيم الكلاب بهدف منع تكاثرها، وتوفير الأغذية لها خلال فترة التعقيم.

والقائمون على البلديات، يؤكدون ان المشروع الحكومي المتمثل بجمع الكلاب وإرسالها إلى المحمية لتعقيمها وإعادتها إلى المكان الذي أخذت منه لا يحل المشكلة على المدى المنظور، وأنه، فيما لو توفرت الإمكانيات لإقامته، يحتاج إلى عشرات السنين لكي تظهر نتيجته. ويؤكدون أن عمليات التعقيم لا يمكن أن تحد من عملية التكاثر التي تتم بمتواليات حسابية مذهلة وبمتوسط سبعة جراء لكل زوج من الكلاب الضالة غير المعقمة في أقل من سنة. يضاف لها مئات الآلاف من الكلاب المتسربة عبر الحدود من بعض دول الجوار هربا من أصوات المتفجرات.

اللافت هنا، أن الحكومة متمسكة بمشروعها في “الحد من الظاهرة” ، لكنها تتحدث بقدر من التنظير عن مشاريع تحتاج إلى فترات طويلة جدا قد تمتد لسنوات، مع أن المشكلة بحاجة إلى حلول سريعة، لا يدركها القائمون على مؤسسات المجتمع المدني بما يحصلون عليه من تمويل، ولا الحكومة التي يتهمها المتضررون بأنها تغازل جمعيات ومنظمات دولية تختلف معلوماتهم حول المشكلة عن واقعنا.

والمحصلة أن المواطن ـ في كل مكان ـ هو من يدفع الثمن . وهو من يتساءل: من الأحق بالرفق… الإنسان أم الحيوان؟

(الغد)