"أمير" .. طفلٌ فُقد في رفح بحثًا عن الطعام وشهادة صادمة تكشف مصيره

mainThumb
"أمير".. طفلٌ فُقد في رفح بحثًا عن الطعام وشهادة صادمة تكشف مصيره

09-08-2025 10:42 AM

printIcon

أخبار اليوم - في خيمة متواضعة جنوب مدينة رفح، تعيش عائلة الجرابعة مأساة مضاعفة. فبعد أن فقدت الأب محمد الجرابعة إثر قصف إسرائيلي في يناير/كانون الثاني 2025، جاء غياب عبد الرحيم، الابن الأصغر البالغ من العمر 10 سنوات، ليُعمّق الألم.

عبد الرحيم، المعروف لدى عائلته بلقب "أمير"، خرج قبل أسابيع إلى نقطة توزيع مساعدات في منطقة الشاكوش غرب رفح، في محاولة لجلب الطعام لإخوته الذين يعانون من الجوع كغيرهم من آلاف العائلات النازحة في القطاع. ومنذ ذلك اليوم، لم يظهر له أي أثر.

تقول والدته، سهام الجرابعة، إن نجلها كان يعيش معها في منطقة نازحين بعد استشهاد والده، وإنه كان طفلًا مفعمًا بالحياة، تسعده أبسط الأشياء.

وتضيف: "لم نترك مكانًا إلا وطرقناه؛ المستشفيات، مراكز الطوارئ، الصليب الأحمر... لا جثمان، ولا معلومة مؤكدة، فقط صمت يزيد “ألمنا. نناشد العالم للمساعدة في معرفة مصيره".

رغم مرور الأيام، لا تزال العائلة تأمل أن يكون الطفل حيًا، خاصة بعد شهادة أحد الشهود الذين أكدوا رؤيته قرب نقطة المساعدات، ما يُرجّح فرضية اختفائه، لا وفاته.

لكن المستجد الأخطر جاء على لسان الجندي الأميركي السابق، أنتوني أغيلار، الذي كان يعمل مع "مؤسسة غزة الإنسانية" وشارك في توزيع المساعدات هناك.

وفي شهادة مؤثرة أدلى بها خلال بودكاست أميركي حديث، روى الجندي أنتوني أغيلار تفاصيل لحظة لا تُنسى: الطفل أمير، الذي كان هزيلاً وحافي القدمين، مشى مسافة طويلة حتى وصل إلى نقطة توزيع المساعدات حيث لم يحصل إلا على حفنة من الأرز والعدس التقطها من الأرض.

وأضاف الجندي الأمريكي السابق أن الطفل اقترب منه، وقبل يده قائلاً "شكرًا".

وبعد دقائق، وبينما كان أمير يغادر برفقة المدنيين الآخرين، أطلق الجيش الإسرائيلي الغاز والرصاص على الحشد، ما أدى إلى إصابته وسقوطه شهيدًا في المكان نفسه.

وذكر الجندي أن ذلك اليوم لم يكن مختلفًا عن غيره في غزة، إلا أن الموت جاء أسرع هذه المرة. وشاهد آلاف المدنيين الذين لا يحملون شيئًا سوى الجوع، وعائلات تفترش الرمال، وأطفالًا يتقاتلون على أكياس دقيق فارغة. لكنه أكد أن وجه أمير كان يحمل عمراً أكبر من سنواته، وعيناه تقولان ما لا يُقال.

ووقعت الحادثة في 28 مايو 2025 قرب مركز توزيع تديره "مؤسسة غزة الإنسانية" في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح.

وقد أثارت الحادثة ردود فعل غاضبة على وسائل التواصل، حيث اعتبر ناشطون الجريمة كشفًا زائفًا للادعاءات الإنسانية التي ترافق عمليات توزيع المساعدات في غزة، وسط واقع مجاعة قاتلة وعمليات قتل ممنهجة تستهدف حتى الأطفال.

ورغم ذلك، لا يزال مصير جثمان عبد الرحيم مجهولًا، وهو ما دفع والدته لتكرار مناشدتها إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، للكشف عن مكانه أو تأكيد وفاته على الأقل.

يأتي هذا الحادث في ظل أوضاع إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة، حيث تُسجَّل عشرات حالات الفقد يوميًا، وتتهم منظمات دولية إسرائيل بارتكاب جريمة تجويع ممنهجة، حيث شددت في مارس/آذار 2025 حصارها على القطاع، وأغلقت جميع المعابر أمام المساعدات، ما تسبب في انتشار المجاعة ووفاة عدد كبير من الأطفال، من بينهم من لم يُعثر على جثثهم حتى الآن.

ووفق آخر الإحصائيات، فقد أسفرت الإبادة الجماعية الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن أكثر من 208 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، و9 آلاف مفقود، معظمهم من الأطفال والنساء، في ظل تدهور إنساني هو الأسوأ في تاريخ المنطقة.

وتختم العائلة مناشدتها: "نريد فقط معرفة الحقيقة. لا نُطالب بمعجزة، بل بجواب... هل لا يزال أمير حيًا؟ وإن لم يكن، أين جثمانه؟"


 فلسطين أون لاين